Wednesday, April 25, 2007

يزور البلاد يونيو القادم .. بول وولفوتير.. الرئيس الجديد للبنك الدولي : هل يتحول الصقر ورجل الحرب إلي حمامة سلام للدول النامية ؟!


تقرير : محمد كشان

يزورمديرالبنك الدولي جيمس د. ولينفنسون البلاد خلال الاسبوع الاخيرمن يونيو القادم، وقال وزيرالمالية والاقتصاد الوطني الزبيراحمد الحسن ان البنك وافق علي فتح مكتب دائم له بالخرطوم وتم ايجار موقع له بالخرطوم واختيارمديره واعلن الوزير عن موافقة الحكومة لافتتاح صندوق النقد الدولي لمكتب له في السودان واعتبرالزبيرذلك خطوات نحوالتطبيع الكامل مع المؤسستين الدوليتين بعد توقيع اتفاق السلام واوضح وزير المالية انه بحث مع مديرالبنك الدولي ونائب مديرصندوق النقد الدولي خلال مشاركته في اجتماعات الربيع للمؤسستين تسوية ديون السودان/ أكبرديون في العالم/ البالغة 25 ملياردولارتمهيداً للإستفادة من المؤسستين خلال مرحلة السلام وقال ان السودان يعد من الدول الاقل نمواً وتعادل ديونه حوالي 1500% من قيمة صادراته و150% من اجمالي الناتج المحلى وبالتالي يمكنه الاستفادة مما تقدمه المؤسستين الدوليتين ، وتوقع وزير المالية والاقتصاد الوطني ان تؤدي الخطوات والمساعي التي تبذلها الحكومة الي تخفيض اكثر من 90% من ديون السودان وان تتم جدولة الباقي منها واضاف ان اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بواشنطن منتصف ابريل الجاري والتي شاركت فيها الحركة الشعبية بعضوية لوال دينق بجانب محافظ البنك المركزي بحثت سياسات السودان الاقتصادية للعام الماضي وتقييما والاتفاق علي السياسات للعام الحالي بما يسمح للسودان من الدخول في برنامج إعفاء الديوان وتطبيع العلاقات مع المؤسستين بعد توقيع اتفاقية السلام التي كانت شرطاُ لذلك .وجيمس د. ولينفنسون كان الرجل الثاني في وزارة الدفاع الأمريكية أو البنتاجون.. والذراع المسلح ل دونالد رامسفيلد.. واليوم تم اختياره رئيسا للبنك الدولي.. إنه بول وولفوتيز (62 سنة).. فهل يستطيع أكبر صقور الحكومة الأمريكية أن يتحول إلي حمامة سلام للدول النامية؟ إنه السؤال الذي يطرح علي الساحة الدولية منذ اختيار مهندس حرب العراق لهذا المنصب الحساس جدا..والبنك المعني مؤسسة دولية تضم 184 دولة ومهمتها مساعدة أكثر الدول فقرا لتنمية اقتصادها.. وجري العرف أن يكون رئيسها أمريكيا. وجاء اختيار بول وولفوتيز ليثير قلقا علي المستوي الدولي..وينتمي بول وولفوتيز لأسرة يهودية.. وهو من مواليد 22 ديسمبر 1943 ونشأ في بروكلين. كان والده قد هرب من بولندا إلي أمريكا في العشرينات وكثير من أفراد أسرته لقوا حتفهم في محرقة النازية وهو من المتعصبين جدا للدفاع عن دولة إسرائيل.. تزوجت شقيقته لورا من يهودي واستقرت حياتها في تل أبيب.. ويمكن بوضوح أن نتخيل بأن رؤيته للعالم ترتبط بإيقاع علاقاته العائلية.. ويعتبر رئيس البنك الجديد خبيرا في الجغرافيا السياسية. بدأ حياته في الوظائف العليا عام .1973 كما عمل أستاذا في الجامعة فترتي رئاسة كلينتون.. وهو علي رأس المحافظين الجدد للرئيس بوش. وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأولي عام 2000 قام مع كوندوليزا رايس بتعريف جورج دابليو بوش علي الخيوط الرئيسية للسياسة الخارجية. وما يخشي منه أن يتبع البنك الدولي سياسة واشنطن وذلك برغم تصريحات بول وولفوتيز بأن أولوية اهتماماته ستكون لتنمية الدول الفقيرة البعيدة مثل أندونيسيا حيث عمل فيها سفيرا للولايات المتحدة..عند نجاح بيل كلينتون في انتخابات الرئاسة عام 1992 كان بول وولفوتيز يشغل منصب عميد كلية الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكينز. وفي فبراير 2001 عاد ثانية لوزارة الدفاع وقد سبق له أن عمل بها في حكومة رونالد ريجان ثم جورج بوش الأب.. واختاره دونالد رامسفيلد وزير دفاع بوش الابن بقوله.. 'أريد أن تكون نصفي الثاني الذهني'.. وفي البنتاجون يكاد يكون الوحيد الذي يتجول مرتديا البلوفر رغم أن هذه الوزارة أشبه بقدس الأقداس للبروتوكول العسكري حيث البدلة الرسمية ذي الثلاث قطع بمثابة الزي المريح العادي. وفي أكثر من مرة يعترف بأنه لم يلمس في حياته قطعة سلاح ولم يؤد الخدمة العسكرية. ولكن هذه مظاهر كاذبة وخادعة.. إذ علي عكس عدد كبير من العسكريين ذوي الخبرة الطويلة فإن وولفوتيز من مجموعة الأنصار المتشددين للتدخل العسكري في أي صراع يظهر علي وجه الأرض..ويحدث أحيانا أن يختفي من مكتبه ويدلف من باب سحري إلي مكتب رئيسه رامسفيلد دون أن يعطي خبرا للسكرتارية وينظر في العين السحرية علي باب الوزير ويدخل إذا كان رامسفيلد وحده.. ومن الملاحظ أن بول وولفوتيز يتكلم كثيرا عن رامسفيلد عندما يريدون أن يتحدث عن نفسه. أنه لا يحب أن يظهر في الصورة. ويقول القريبون منه أنه يتميز بصوت جاد وعاقل ولكنه متحفظ جدا ويتميز بأدب جم وشديد الخجل مع المحيطين به ولا يحب الصحفيين ولا يعرف المزاح.. وفي مكتب رامسفيلد يظل واقفا لفترة طويلة لأنه من الصعب التجرؤ علي الجلوس طالما الرئيس يعمل واقفا. ويظل ينظر إليه في صمت حتي يرفع وزير الدفاع عينيه وهنا يقول له.. 'هل لديك دقيقة للحديث معا..؟'.. ويتكرر هذا المشهد من 10 إلي 12 مرة يوميا. وفي أي مناقشة حتي حول قضية خطيرة يبدأ رامسفيلد دائما بدرس في قواعد النحو. ويصر رامسفيلد علي تصحيح البيانات التي يكتبها وولفوتيز فيسخر قائلا : 'ويقولون أنه حامل شهادة دكتوراه'.. وهكذا يجد رامسفيلد نفسه في دوره المفضل، ولكن في الوزارة لا يمكن أن ينخدع أحد بما يدور حقيقة. إذ في نظر الرئيس بوش فإن الأستاذ الحقيقي هو بول وولفوتيز. أما رامسفيلد فليس سوي الجندي الأمين. وعن حرب العراق يعتبر وولفوتيز 'القلب' و'المخ' ورامسفيلد هو الذراع المسلح حسب قول بوش. ويدرك رامسفيلد هذا الواقع ولا يتضايق.. إنه يعشق عمله وبطواعية يترك مساعده مع أحلامه بتغيير الشرق الأوسط من خلال العراق..وبول وولفوتيز يدين بشهرته للعراق ويعرف باسم 'الأب الروحي للحرب'. إن موضوع العراق يشغله منذ عام 1979 وكان وقتها نائب مساعد وزير الدفاع في حكومة رونالد ريجان. ومن وقتها وصف العراق بأنها تهدد المصالح الأمريكية. في هذا الوقت لم يلتفت أحد إلي جدية آرائه.. كانت أمريكا مشغولة بسقوط شاه إيران وهي التي كانت عززت عرشه من 26 سنة.. أما العدو بالنسبة لها فهو نظام المولاه وليس صدام. في عام 1981 أعلن وولفوتيز وكأنه يتنبأ بأن صدام حسين سيغزو في يوم ما إحدي الدول العربية المجاورة. هنا أيضا لم يسمع له أحد. وبعد عشر سنوات اقتحمت الدبابات العراقية دولة الكويت وعند هجمات 11 سبتمبر أشار بسرعة إلي يد العراق. وبعد أربعة أيام من هذه الأحداث وخلال عطلة نهاية الأسبوع في كامب ديفيد اقترح علي الرئيس بوش بالهجوم علي العراق. استمع له الرئيس وأخذ قراره: الهجوم سيكون أولا علي أفغانستان. وعندما سيجيء دور العراق سيكون بوش وبول وولفوتيز علي نفس الموجة وكأنهما تكلما بنفس الصوت. ومن عامين أبدي كولين باول اعتراضه علي هذه الحرب وتصدرت تصريحاته الصحف الأولي في الصحافة العالمية. وبدوره اعترف رامسفيلد ببعض الأخطاء قائلا : 'هل نحن في طريقنا إلي الفوز أو الخسارة في الحرب ضد الإرهاب؟'.. وفي 5 أكتوبر صرح أيضا.. 'لا أري أي علاقة بين صدام والقاعدة'.. وبهذا التصريح نسف بصاروخ الحجة الرئيسية التي أشعلت الحرب علي العراق وسبب حرجا للرئيس قبيل الانتخابات الرئيسية.. ولكن ظل وولفوتيز الأمين الوفي ولم ينتقد الحرب بأي كلمة.. ومثل بوش ظل مقتنعا بأنه لم يخطيء أبدا حول قضية العراق بل أصر علي القول بأن أسلحة الدمار الشامل كانت وقتها الذريعة العملية لإعلان الحرب.. وبدا من الغريب أن الأستاذ الجامعي الذي يحسب كل كلمة من كلماته والرئيس التلقائي يتكلمان نفس اللغة عند الحديث عن العراق. وعندما يسمع وولفوتيز كلمة 'خطأ' يعود مستندا علي التفاصيل بشاعة نظام صدام حسين.. تماما كما يفعل بوش..ويوم 16 مارس الماضي.. ووسط دهشة عامة.. أعلن جورج بوش علي العالم اختياره بول وولفوتيز خليفة ل جيمس ولفنسون علي رأس البنك الدولي. وقال مبررا اختياره.. 'إن وولفوتيز هو المرشح المطلوب والمناسب. إنه يعتبر أن قضيته هي التنمية وكل ما يتميز به ينبيء بحسن إدارته في قلب مؤسسة بهذه الأهمية'.. وكلما زادت الاعتراضات حول هذا الاختيار ضاعف بوش من عرضه لمميزات بول وولفوتيز. وهذا هو أسلوبه علي كل حال..وعلق مارك ليونارد الخبير البريطاني في السياسة العالمية بقوله : 'مع هذه الإدارة.. هل تتوقعون أن يتم اختيار الأم تيريزا أو الدلاي لاما..؟'..ولكن هل بول وولفوتيز هو حقا الرجل المناسب؟.. وهل فعلا تبني قضية التنمية مدعيا أنها قضيته الشخصية؟.. وهل يمكن لرجل خبير في السلاح والحرب أن يرأس مؤسسة تقدم كل عام قروضا قيمتها 20مليار دولار للدول الأكثر فقرا ..؟وجاء في افتتاحية صحيفة التايمز اللندنية.. 'هذا الاختيار يشبه اختيار ثعلب ليدير مزرعة دواجن'.. أما عن مميزات وولفوتيز في إدارة مثل هذه المؤسسة الهامة جدا فهي غير معروفة ولكنها تثير تساؤلا هاما.. هل هناك خط مشترك بين البنتاجون والبنك الدولي غير أن المؤسستين مقرهما في واشنطن ؟إن اختيار بول وولفوتيز ومحافظ جديد آخر هو جون بولتون كسفير لأمريكا في الأمم المتحدة تم تفسيره علي إنها إرادة حكومة بوش لاستخدام المؤسستين كأداة لتنشيط سياسته والدعاية لها.. وبول وولفوتيز لا يناقض هذا الإحساس بقوله : 'عندما يقوم البنك الدولي بتنفيذ مهمته وهي تقليص الفقر وتنشيط التنمية الاقتصادية فإنه بذلك يساعد شعوب العالم علي اكتساب حريتها وديمقراطيتها'.. وهي نفس السياسة التي ينادي بها بوش..وليظهر اهتمامه للعمل الجديد الذي ينتظره في شهر يونيو القادم يقدم نفسه علي أنه المدافع الدائم عن الديمقراطية والحريات.. وليبرهن علي ذلك يعود إلي قضيته أندونيسيا. وفي عام 1986 عمل سفيرا للولايات المتحدة في جاكرتا لمدة 3 سنوات كانت المهمة في منتهي الحساسية.. فهو يهودي ويمثل أمريكا في أكبر دولة إسلامية في العالم ودولة يديرها الديكتاتور سوهارتو. وعلي عكس النموذج الأمريكي يغوص السفير بسرعة في ثقافة البلاد ويتعلم اللغة علي يد سائقه. ويتلقي المزيد من المعلومات من زوجته كلارا الخبيرة منذ الجامعة بالثقافة الأندونيسية ويشارك الزوجان في اجتماعات العاصمة الأندونيسية. وجدير بالذكر أن الطلاق تم بينهما من تلك الفترة. وكانت كلارا تتحدث اللغة الأندونيسية وتتقن ال'سيريمَي' الرقص التقليدي في جاوا. وانتشر السفير الأمريكي في كل أرجاء أندونيسيا من قمم البراكين إلي حواري جاكرتا ومرورا بصفحات 'فيمينا' أكبر مجلة نسائية في البلاد حيث يقدم أطباقا عن الدجاج. وأصبحت أندونيسيا وطنه الثاني. ومن خلال صداقته ب عبدالرحمن وحيد زعيم أكبر الأحزاب الإسلامية استطاع تكوين فكرة عن الإسلام المعتدل والسمح. وعندما يصف حركته السياسية في أندونيسيا يشرح علي الفور بأنه شجع التطلعات الديمقراطية برغم الديكتاتورية الحاكمة.. ومع ذلك فإن الذي يدعو للديمقراطية أغمض عينه عما يمارسه سوهارتو من قمع بالدم الثورات الشعبية وكذلك عما يخص غزو تيمور الشرقية لم يشر إليها أبدا وكأنها لم تحدث..ويفضل بول وولفوتيز أيضا تجنب التعرض لخطة سياسة الدفاع التي انتهجها البنتاجون عام .1992 وصرح وقتها : 'أن أهم ما في سياسته هو مواجهة أي عدو يمكن أن يشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة.. وأن يتحول من قوة معادية إلي قوة مسيطرة علي منطقة تسمح مواردها الطبيعية أن تصبح قوة دولية'.. ومن ذلك الوقت كان يعني صدام حسين.. وبمعني آخر ممنوع علي أي دولة تصدير أو منافسة القوي العظمي العالمية الوحيدة وهي الولايات المتحدة. عرفت هذه الاستراتيجية ب 'نظرية وولفوتيز' ورأي خصومه في هذه السياسة ولادة استعمار أمريكي جديد وأساس التوسع في الميزانيات العسكرية. وكل هذا يدفع أكثر إلي إثارة نفس السؤال المطروح.. هل يمكن لأحد صقور إدارة بوش أن يتحول إلي حمامة سلام عندما يرأس البنك الدولي؟

No comments: