Thursday, October 4, 2007

(افريكوم)


محمد كشان
أدى هوس الولايات المتحدة بالسيطرة على أماكن محددة في العالم إلى استحداث وسائل استعمارية جديدة كقواعدها وقياداتها العسكرية المنتشرة في كل أنحاء العالم وفق خارطة عسكرية إستراتيجية محددة. وكانت أفريقيا حتى وقت قريب تتبع إلى القيادة العسكرية الوسطى، والتي تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بينما تتبع دول أخرى كمصر إلى قيادة المنطقة الأوروبية. لكن تطورات الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة، وبحثها عن مصادر طاقة أكثر استمرارية، جعلت النظرة الأمريكية للقارة الأفريقية تتغير على عدة اتجاهات. فقد أعلنت واشنطن، وبعد مداولات ومفاوضات كثيرة رسمياً اختيار “شتوتغارت” بجنوب ألمانيا مقراً للقيادة العسكرية الإقليمية لإفريقيا (افريكوم) والتي أُنشئت مؤخراً لتضاف إلى القيادات الأمريكية الأخرى. وحسب بيان للجيش الأمريكي فأن (افريكوم) ستكون مسؤولة عن العلاقات العسكرية للولايات المتحدة مع الدول الثلاث والخمسين في القارة.وحسمت الولايات المتحدة بذلك أشهرا من الجدل الدائر حول اختيار مقر لـ (افريكوم) ، منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش في فبراير الماضي تكوين القيادة الامريكية الافريقية. ونشط الجنرال هنري ريان المسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية منذ ذلك الوقت في جولات افريقية شملت إثيوبيا، غانا، كينيا، نيجيريا، السنغال، جنوب أفريقيا، المغرب، ليبيا، الجزائر، وحتى جيبوتي التي تضم اكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، والسبب المعلن لهذه الزيارات التي تواصلت حتى وقت قريب هو البحث عن مقر إقليمي لـ (افريكوم). واحتارت واشنطن بين أي من الدول تختار وتفاوض لاستضافة القيادة الأمريكية فى افريقيا، لكن جهود ريان قوبلت بالرفض في المغرب العربي، حيث رفضت ليبيا والجزائر والمغرب اختيارها مقراً لـ (افريكوم)، بينما وافقت دول أخرى كجيبوتي والنيجر. ولكن عين واشنطن ليست على جنوب الصحراء الإفريقية، وإنما كانت تأمل أن توافق إحدى دول الشمال الافريقي على استضافة (افريكوم)، كون الشمال الافريقى هو الهدف الاساسى للوجود الامريكى فى المنطقة. فالنزاعات التي نشأت في منطقة غرب إفريقيا وشمالها، ونشاط تنظيم القاعدة الذي امتد إلى المغرب العربى وأصبح يهدد حلفاء واشنطن في شمال المتوسط واوروبا، ونشاط مجموعات متمردة كالطوارق على حدود مالي مع الجزائر، ونزاعات أخرى كالتي نشأت في مثلث تشاد - أفريقيا الوسطى - السودان، لكل هذه الأسباب كانت أمريكا تمني نفسها بمقر لقيادتها العسكرية في دولة من دول الشمال الافريقى.وكان لواشنطن أن تتنازل باختيارها جنوباً، حيث السيطرة على مناطق الإنتاج النفطي الغزير في خليج غينيا وتشاد ونيجيريا، لكن خوفها من تمدد النشاط الاصولي المتطرف في الشمال الافريقي، ورغبتها في عدم إثارة قلاقل وسط افريقيا في الوقت الحالي، والوجود الفرنسي في المنطقة، كل هذه الأسباب جعلت واشنطن تفضل اختيار شتوتغارت الألمانية مقراً، إذ ستعمل (افريكوم) في إطار (يوكوم) أي القيادة الإقليمية الأمريكية لمنطقة أوروبا.والى اليوم لم تقل واشنطن ما الهدف الرئيسي لوجودها في المنطقة الإفريقية،والذى سمته مجازا بوجود “المهمات العسكرية البحتة” ومساعدة الدول على ترقية أمن حدودها الإقليمية وأمنها البحري.ولم يتطرق مسؤول امريكي بالحديث عن البترول الأفريقي الذي يشكل الآن أكثر من 10% من الواردات النفطية الأمريكية، ولا حتى عن قلق واشنطن من منافسة الصين لها على موارد النفط الأفريقية !!. ولم يتطرق مسئول امريكى بالحديث عن النفط الأفريقي الذي يشكل الآن أكثر من 10% من الواردات النفطية الأمريكية، ولا حتى عن قلق وواشنطن من منافسة الصين لها على موارد النفط الأفريقية !!.
http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/ContentID/972/Default.aspx

شراكة الاستعمار

محمد كشان
تقوم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل حاليا بزيارة افريقية تشمل أثيوبيا وجنوب أفريقيا، في بادرة تعد الأولى من نوعها لميركل، الرئيسة الحالية لمجموعة الدول الثماني الكبار، والشريك الأول في عملية التنمية مع أديس أبابا. وتعقبها بزيارة إلى جنوب أفريقيا، الحليف التجاري لألمانيا بعد المملكة المتحدة واليابان والولايات المتحدة. والزيارة تكشف مدى الاهتمام الاوروبى المتنامي بالقارة السمراء العجوز ، وإن جاءت في إطار ما سمى بالشراكة الجديدة مع إفريقيا عقب مباحثات (قمة الثماني) بألمانيا في يونيو الماضي.
ولأوروبا تاريخ طويل وحافل بشراكات المصالح في قارتنا الفقيرة، يخفت حين تستغني الدول العظمى عن ثرواتها وطاقاتها ، ويزدهر مع الحاجة للنفوذ والتسلط، وفرض الهيمنة والاستعمار. وليست ميركل هي الأولى التي تقود مبادرة التحرك والإنقاذ لشعوب القارة الجائعة، ولا أثيوبيا هي الدولة الإفريقية الوحيدة التي استجابت لمبادرات الدول الأوروبية طيلة العقود الماضية.فبريطانيا خلال رئاستها للإتحاد الأوروبى في العام 2005 دشنت مبادرة (لجنة أفريقيا) التى أطلقها رئيس وزرائها السابق تونى بلير منذ العام 2004. وجاء بلير حينها إلى أديس أبابا وقال في خطابه الشهير انه يبحث عن” كيفية تحويل الاهتمام الدولي إلى فعل لمساعدة أفريقيا على إنهاء الصراعات والقضاء على الفقر”. ووعد بلير بأن العام القادم (2005) سيكون “عام القرار لأفريقيا وللمجتمع الدولي”.
وحتى قبيل إنتهاء ولايته بأيام في مايو 2007 ، كانت القارة الأفريقية محطة هامة لبلير ، زارها ونادي بضرورة إعطاءها الأولوية الأكبر فى مجال التنمية والسلم. ولكن، لا زالت القارة السمراء إلى هذه اللحظة تشتعل حروباً وفقراً، وصراعات تندلع وتتأجج، خاصةً إذا دخل اللعبة مارد جديد كالصين، أو الولايات المتحدة.فأوروبا تعتبر منذ أمد بعيد أن القارة الأفريقية بمثابة الحديقة الخلفية لها، خرجت منها في الستينيات، ولا تزال تحمل كثيراً من الحنين والألفة لثمارها وأشجارها ونفطها، وتقهر شبابها وتصدهم على أعقابهم منتهكة بذلك ابسط حقوق الإنسان.ولكن للمستشارة الألمانية أوجه أخرى للتعاون والتفاوض، فهي تنظر إلى الدور الإيجابي مثلاً للصين في أفريقيا، خاصة ما يخص السودان ونزاعه الدائر في دارفور، على عكس فرنسا التى تخشى كثيراً من التأثير الصيني على مصالحها في أفريقيا ، ويقلقها تمدد شركات النفط الصينية غرب ووسط القارة ولا ضير فصراعات الزعامات الأوروبية دائماً ما يصل شرره الى القارة السمراء.
فبينما نجد دولاً كالمغرب والجزائر تتصارع في ولائها وقربها لفرنسا مثلا، تبرز دول أخرى مثل ليبيا تنادى بوحدة القارة في وجه ناهبي ثرواتها ، وتقول انه السبيل الوحيد للنجاة في المستقبل.فى هذا الخضم تحاول دول أخرى كايطاليا الدخول إلى المعترك الافريقى ، وحديث رئيس وزرائها رومانو برودي بالأمس ودعوته الأوروبيين لخلق مبادرات تتعلق بإفريقيا ، وتشديده على العوامل التاريخية التي تربطها مع روما خير دليل على ما سقناه.لكن دعوة برودي جاءت متأخرة بعض الشئ، لاسيما أنها تغرد خارج سرب الحلفاء الذي تقوده واشنطن وتتقدمه لندن وباريس وبرلين. والواقع ان روما تمتلك مفاتيح الولوج للقارة المظلمة لما لها من سياسات متوازنة تجاه القارة، ولثقلها الديني النابع من كونها مركزاً كاثوليكياً تدين به معظم دول جنوب القارة. على ان مثل هذه المبادرات تحتاج الى دعم من زعماء القارة فى الداخل،
وإرساء المزيد من أُسس الشفافية والحكم الراشد والنزاهة والاتزان