بعد 20 شهراً من اعتداءات 11 سبتمبر .. اعادة تنظيم اجهزة الاستخبارات الاميركية
محمد كشان
انهت لجنة التحقيق في اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة 20 شهرا من عملها بنشر تقريرها الوارد في 567 صفحة، والذي كانت ترقبته الاوساط السياسية بقلق، والذى أوصي باعادة تنظيم اجهزة الاستخبارات الاميركية بكاملها..وجاء في التقرير الذى صدر الخميس ،ان (ارهابيي تنظيم القاعدة استغلوا بدقة كل الثغرات المؤسساتية المهمة داخل حكومتنا لتنفيذ الاعتداءات التي لم يكن من الممكن على الارجح افشالها).ويقدم التقرير تفاصيل حول المرونة التي تحلى بها خاطفو الطائرات من تنظيم (القاعدة) وسعة معلوماتهم التي خولتهم خطف طائرات وصدمها ببرجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون.ويقول التقرير ان خاطفي الطائرات اجروا اختبارات لمعرفة متى يتم فتح ابواب قمرة القيادة في الطائرة وتعرفوا على ثغرات اجهزة المراقبة الامنية في المطارات ليعبروا منها. واضاف احد المسؤولين ان الخاطفين كانوا ايضا يعرفون أين يضعون قطعا معدنية في حقائبهم بطريقة لا يمكن كشفها وان جوازات سفرهم يجب الا تتضمن تأشيرات دخول الى افغانستان.كما كشف التقرير أن خاطفي طائرة الرحلة 93 هم الذين بادروا إلى تحطيمها، قبيل ثوان من اقتحام الركاب لكابينة القيادة.وكان التصور السابق للحادث أن الركاب الثائرين استطاعوا التغلب على الخاطفين والسيطرة على الطائرة، قبيل تحطمها بحقل في بنسلفانيا. وأفاد التقريرأن ثورة الركاب بدأت الساعة 9.57 صباحا يوم 11/9 بالتوقيت المحلي، أي بعد 30 دقيقة من نجاح الخاطفين الأربعة في السيطرة على البوينخ 757، التي كانت محملة بحوالي 11 ألف جالون من وقود الطائرات.وفيما حاول الركاب اقتحام كابينة القيادة، عمد قائد الخاطفين، زياد جراح، إلى تحريك الطائرة يمينا ويسارا في محاولة لإفقاد الركاب توازنهم، ثم طلب من أحد معاونيه إغلاق باب كابينة القيادة.وحسب تقرير اللجنة، بدأ جراح بتغيير تكتيكه الساعة 9.59 صباحا بالتوقيت المحلي، حيث شرع في تحريك الطائرة لأعلى وأسفل، وتوقف عن ذلك الساعة 10.00.03.وبعد خمس ثوان، سأل جراح أحد معاونيه "هل هذا كل شئ؟ هل سنحطم الطائرة؟"، ورد الآخر" لا، ليس بعد، عندما يقتحموا كابينة القيادة، سنحطم الطائرة."وبعد ذلك، استأنف جراح تحريك الطائرة لأعلى واسفل. فيما سُمع أحد الركاب يقول" في الكابينة، إذا لم نفعل (نقتحمها) سنموت."وبعد 16 ثانية، صرخ أحد الركاب قائلا "لنتحرك." وكان جراح قد توقف عن مناوراته العنيفة بالطائرة الساعة 10.01 صباحا، وقال "الله أكبر، الله أكبر."وسأل جراح خاطفا آخر "هل سنسقط الطائرة؟"، ورد الأخير "أسقطها." وفي هذه الأثناء، كان الركاب يواصلون الهجوم على باب كابينة القيادة، في محاولة لتحطيمه. وحوالي الساعة 10.02.23، وصرخ خاطف" أسقطها، أسقطها."وفيما بدأت الطائرة تسقط، قام خاطف بإدارة عجلة القيادة بعنف إلى اليمين، فانقلبت الطائرة في الجو، وصرخ أحد الخاطفين" الله أعظم، الله أعظم." وبالفعل تحطمت الطائرة في في حقل خال في بنسلفانيا، بعد طيران استمر 20 دقيقة من واشنطن العاصمة. وقال التقرير إن خاطفي الطائرة كانوا يخططون لضربها في البيت الأبيض أو الكابيتول هول. وحرصت اللجنة التي تضم خمسة جمهوريين وخمسة ديموقراطيين على تحميل مسؤوليات الثغرات في التدابير الامنية لادارة الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلينتون وخلفه الجمهوري جورج بوش. وقالت اللجنة ان "الارهاب لم يكن يشكل القلق الرئيسي بالنسبة للامن القومي في ادارتي كلينتون وبوش قبل 11 سبتمبر". الا أن اعضاء اللجنة قدموا نقطة ايجابية لبوش في استنتاجاتهم بوجود علاقة بين ارهابيي القاعدة وبغداد، وهو ملف حساس للغاية استخدمه البيت الابيض لتبرير التدخل العسكري في العراق.كماتطرق التقرير الى (الفرص التي ضيعت) وبينها تحاليل اعدت بشكل سيئ او التحرك بصورة مترددة لدى وكالات مثل مكتب المباحث الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية .واشتمل التقريرعلى نقاط رئيسية تضمنت :الانتقادات- "شكلت الاعتداءات صدمة لكن ما كان يجب ان تكون مفاجأة. لقد اعطى متطرفون اسلاميون اشارات كافية حول نواياهم قتل اميركيين من دون تمييز وباعداد كبيرة".- "لم يشكل الارهاب ابدا مصدر قلق اكبر للامن القومي في عهد ادارتي (بيل) كلينتون و(جورج) بوش قبل اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر".- "لم يؤد اي قرار اتخذته الحكومة الاميركية بين 1998 و2001 الى مضايقة او تأخير التقدم في تنفيذ اعتداءات القاعدة. في كل مراكز السلطة واجهت التصورات والتحرك الحكومي والقدرات والادارة فشلا".- "بعد الاعتداء على المدمرة الاميركية كول فى اليمن في اكتوبر 2000 كشف عدد متزايد من العناصر ان تنظيم القاعدة هو الذي شنه". لم يشأ الرئيس بيل كلينتون ولا خليفته جورج بوش التدخل في هذه المرحلة. "هذا دفع اسامة بن لادن الى الاعتقاد على ما يبدو ان الاعتداءات، على الاقل تلك التي تتسم بخطورة الاعتداء على كول، لا تنطوي على مجازفات".- "تملك وكالة الاستخبارات المركزية الحد الادنى من القدرات لشن عمليات شبه عسكرية بعناصرها الخاصة، ولم تسع الى تعزيزها".- "لم تكن وزارة الدفاع في اي وقت قبل اعتداءات 11 سبتمبر معبأة بشكل كامل لتطويق القاعدة".- "نقاط الضعف الاكثر خطورة كانت تكمن على المستوى الداخلي. لم يكن مكتب التحقيقات الفدرالي يملك القدرة على الربط بين المعلومات الجماعية التي يملكها عناصر على الارض والاولويات القومية".- "في نهايةاغسطس تنبه مسؤولون في اجهزة الاستخبارات ان ارهابيين رصدوا في جنوب شرق آسيا في يناير 2000، توجهوا الى الولايات المتحدة". كما أن اعتقال الفرنسي زكريا موسوي الذي كان يتلقى دروسا في الطيران "لم يسبب رد فعل مباشرا. لم يربط احد يعمل على هذه الفرضيات بين ذلك والمعلومات المتوفرة عن المستوى العالي للتهديد".- "بينما كان اسامة بن لادن مصمما على الضرب داخل الولايات المتحدة اتخذت اجراءات عديدة في الخارج لكن المؤسسات الداخلية لم تعبأ بشكل فاعل".كما شمل التقرير عدة توصيات نصها :- "يجب ان تجمع استراتيجيتنا بين هدفين: تفكيك تنظيم القاعدة وعلى المدى البعيد دحر الايديولوجيا التي تساهم في الارهاب الاسلامي".على المستوى الدبلوماسي، دعت اللجنة خصوصا الى "تفكيك مخابىء" الارهابيين و"تعزيز الالتزامات حيال افغانستان وباكستان" و"بناء علاقة تذهب ابعد من النفط مع السعودية" و"نقل المبادىء المثالية الاميركية الى العالم الاسلامي والدفاع عنها" و"تطوير استراتيجية تحالف ضد الارهاب الاسلامي" و"تكريس اقصى حد من الجهود لمكافحة انتشار اسلحة الدمار الشامل".- يجب "توحيد مجموعة اجهزة الاستخبارات تحت مدير قومي جديد للاستخبارات" واحداث مركز وطني لمكافحة الارهاب "بهدف توحيد الاستخبارات الاستراتيجية والتخطيط العملاني ضد الارهابيين الاسلاميين على الاراضي الوطنية وفي الخارج على حد سواء".من الضروري ايضا اقامة "نظام لتقاسم المعلومات يتجاوز الحدود التقليدية داخل الحكومة" وزيادة اشراف الكونغرس على مكافحة الارهاب وتعزيز قدرات مكتب التحقيقات الفدرالي والدفاع عن الارض.ايران"بذلت ايران جهودا مركزة لتعزيز علاقاتها مع القاعدة بعد الهجوم على المدمرة كول لكن هذا الجهد رفضه اسامة بن لادن الذي كان يريد تجنب فقدان انصاره في السعودية"."معلوماتنا عن الرحلات الدولية التي قام بها عناصر القاعدة الذين نفذوا اعتداءات 11 سبتمبر مجتزأة لكن لدينا معلومات اليوم تشير الى ان بين ثمانية وعشرة من 14 سعوديا (نفذوا الاعتداءات) عبروا ايران بين اكتوبر 2000فبراير 2001"."هناك مؤشرات قوية الى ان ايران سهلت مرور اعضاء في القاعدة من افغانستان واليها قبل سبتمبر".العراق"لم نجد علاقة، اي علاقة على الاطلاق بين العراق واعتداءات 11 سبتمبر". "جرت حوارات خلال عدد من السنوات (بين القاعدة ونظام صدام حسين) بنجاح في بعض الاحيان ودون نجاح في احيان اخرى". كما أن الاتصالات غير المنتظمة بين العراق والقاعدة "لم تؤد الى علاقة تعاون عملي".من جانبهااكدت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية التي اشار التقرير الى قصورها، عزمها على مواصلة حماية البلاد من هجمات في المستقبل، . وفي خطوة نادرة، عقد مسؤولون كبار في الوكالة مؤتمرا صحافيا عشية نشر التقرير.اعترفوا فيه بوقوع عدد من الاخطاء خلال الاشهر التي سبقت الاعتداءات، غير انهم شددوا على الاصلاحات التي جرت منذ خريف 2001 من تقارب مع مكتب التحقيقات الفدرالي واعادة تأهيل الانظمة المعلوماتية وزيادة عدد الجواسيس العاملين ميدانيا. وردوا الاتهامات الموجهة الى موظفي الوكالة بانهم لم ينقلوا معلومات الى نظرائهم في وكالات استخبارات اخرى وخصوصا مكتب التحقيقات الفيدرالى، وبانهم فشلوا في اعتماد استراتيجية شاملة لمكافحة الارهاب قبل 11سبتمبر 2001. وقال مسؤول معلقا على مقطع من التقرير يشير الى فشل الانظمة المعدة لرصد الاعتداءات المفاجئة، ان هذه الآليات صممت في اطار الحرب الباردة وهي غير قادرة على رصد اعتداء ارهابي. وقال "لم تكن تناسب اطلاقا الخطر الارهابي الذي نواجهه اليوم". واعترف المسؤول بان الوكالة فشلت في ادراج اسماء اثنين من خاطفي الطائرات في 11 سبتمبر 2001 على لائحة المشتبه بهم الذين يتحتم مراقبتهم بعد مشاركتهما في اجتماع لتنظيم القاعدة في ماليزيا، غير انه نفى ان تكون سي اي ايه احتفظت بهذه المعلومات.ورداً على الشائعات بان اسامة بن لادن اصدر شخصيا طلبات للاستفادة من تراجع بعض اسهم شركات التامين بعد الهجمات.افاد بيان صادر عن لجنة امن مبادلات البورصة انها لم تعثر على اي دليل يثبت حصول صفقات مشبوهة في اسواق البورصة الاميركية قبيل اعتداءات 11 سبتمبر 2001 قام بها اشخاص على علم بمخططات الارهابيين الذين اصطدمت طائرتيهما طائرتان ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ما ادى الى انهيارهما واغلاق الاسواق المالية الاميركية مدة اسبوع على سبيل الاحتياط.وكردة فعل على الاتهامات التى وجهت لايران بتورطها وعبور متهمين لاراضيها، نفى الرئيس الايراني السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني نفيا قاطعا امس الجمعة الاتهامات الاميركية حول علاقة محتملة لايران باعتداءات سبتمبر . وانتقد رفسنجاني واشنطن لتجاهلها تحذيرات ايران حول التهديد الذي قد يشكله تنظيم القاعدة الارهابي وطالبان قبل الهجمات.واضاف رفسنجاني الذي يراس حاليا مجلس تشخيص مصلحة النظام ان "هذه الاتهامات تأتي بعد فشل الولايات المتحدة في حماية الشعب الاميركي وفشلها في العراق وافغانستان".وقال رفسنجاني خلال صلاة الجمعة "لسنا واثقين من انهم يقولون الحقيقة. لنفترض ان الاشخاص الثمانية مروا عبر ايران. كم دولة قد يكونوا عبروا اراضيها قبل الوصول الى الولايات المتحدة" واضاف "نطرح السؤال التالي على الولايات المتحدة: لنفترض ان يكونوا مروا عبر ايران، فمن قدم لهم الدعم في افغانستان .الصحف الأمريكية تطالب بإصلاحات ومن جانبها رحبت الصحف الاميركية امس الجمعة بما انجزته لجنة التحقيق في اعتداءات 11 سبتبمر 2001 وطالبت بالاسراع في تنفيذ اصلاحات، متسائلة بشان مستقبل الحرب على الارهاب. واعتبرت صحيفة "يو.اس.اي. تو-داي" الشعبية ان اعتداءات سبتمبر "فاجأتنا" لان "لا احد كان يتوقعها باستثناء بعض الخبراء الغارقين في بيروقراطية الاستخبارات". واضافت الصحيفة ان اصلاح اجهزة الاستخبارات الاميركية الذي اقترحته اللجنة "جدير برد سريع" ودعت الى ضرورة "اعادة احياء العزم الذي تملك البلاد في خريف 2001".واعتبرت "نيويورك تايمز" ان انشاء منصب مدير وطني للاستخبارات، وهو الاجراء الاكثر اثارة الذي يقترحه التقرير، "فكرة جيدة" لكنها اعتبرت ايضا ان "الكونغرس في حاجة ماسة ايضا الى ان يصلح نفسه بنفسه". وتساءلت الصحيفة حول الانعكاسات التي قد تطال الحريات المدنية من اجراءات مكافحة الارهاب. من جهتها اعتبرت "واشنطن بوست" ان المساهمة الاكبر لهذه اللجنة "هي ارادتها في وضع دراسة طموحة للطريقة التي يجب ان يتغير بها هذا البلد". واضافت انه مهما كان الامر، ان "يتم تبني" توصيات اللجنة ام لا، يجب ان يستخدم تقويمها للوضع "حافزا لنقاش بالغ الاهمية: هل اميركا مستعدة للدخول في هذه الحرب (على الارهاب) على المدى الطويل وكيف يجب ان يتنظم المجتمع لهذا الغرض "من جهتها اعتبرت "وول ستريت جورنال" ان ما نجحت فيه اللجنة هو تبرير الهجمات الوقائية وقالت ان "حكومتنا -والطبقة السياسية برمتها- كانت تعلم ما فيه الكفاية للتحرك ضد القاعدة واسامة بن لادن (قبل 2001) لكنها لم تفعل".واعتبرت "واشنطن تايمز" ان الاجماع الذي ساد في اللجنة "بداية حسنة للانطلاق في النقاش الضروري حول سبل اصلاح طرق عمل اجهزة الاستخبارات".كما رات الصحيفة المحافظة انه اعتبارا من يناير 2005، وبعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجري في نوفمبر "لا بد ان يشكل اصلاح الاستخبارات اولوية الكونغرس الجديد والسلطة التنفيذية".واكدت "لوس انجلس تايمز" "ان قرار اللجنة عدم تحميل بوش المسؤولية نقطة جيدة للرئيس الاميركي" لكن طلبها اجراء اصلاح واسع "يلقي مسؤولية العمل على الرئيس الذي يبدي تحفظا على هذا النوع من الاقتراحات".و قالت كوند ليزا رايس مستشارة البيت الابيض للامن فى اول تعليق لها امس ان تقرير لجنة التحقيق في هجمات 11سبتمبر 2001 يوضح ان الرئيس الاميركي جورج بوش "فعل كل ما بوسعه" لحماية البلاد قبل الهجمات الدموية على نيويورك وواشنطن. وصرحت رايس لتلفزيون "ايه بي سي" ان "ما تقوله اللجنة هو ان هذا البلد لم يكن مستعدا للحرب وان هذه مشكلة بدأت في التسعينات وربما الثمانينات. وقد بذل الرئيس كل ما بوسعه"،واضافت "لو كنا نعلم ان هجوما بهذه الضخامة سيقع في 11سبتمبر لكنا اقمنا الدنيا ولم نقعدها لوقفه". وردا على سؤال حول جزئية التقريرالتى اظهرت عدد من التحذيرات، قالت رايس ان ادارة بوش التي تولت زمام البلاد في يناير 2001 لم يكن لديها الوقت الكافي للقيام بالتغيرات اللازمة لافشال مثل هذا الهجوم. واوضحت "لا يمكن تطبيق مثل هذه الاصلاحات الكبيرة التي تحدث عنها التقرير على امن الحدود والمطارات في الاشهر الثمانية التي تولى فيها الرئيس بوش الرئاسة". وتابعت "ما يقوله التقرير هو ان البلاد لم تكن معدة للحرب وهذا ما قاله الرئيس عدة مرات". واضافت "والان لقد تم فعل الكثير منذ 11 سبتمبر نحن اكثر امانا رغم اننا لسنا في امان بعد".
No comments:
Post a Comment