Wednesday, April 25, 2007

هل اصبح السودان مستودعاً لمخلفات الدول المتقدمة؟


محمد كشان


أثار اعلان شركة "مياه أثينا" حول نقل مخلفات بشرية يونانية الى السودان الجدل الدائر حول تخلص الدول المتقدمة من نفاياتها بدون ترك آثار ضارة على بيئتها مقابل تلويث بيئات أخرى في العالم الثالث.وعبرت عدد من منظمات وجمعيات البيئة العالمية والمحلية عن قلقها من الخطوة لما تحتويه هذه النفايات من كميات كبيرة من المعادن الثقيلة المشعة والسامة،وأنها بكل بساطة تصدير مشاكل تلك الدول البيئية إلى بلاد العالم الثالث.وحال موافقة الحكومة السودانية فان شركة إيديل إيلاس اليونانية المتعاقدة مع السلطات اليونانية ستقوم بنقل هذه النفايات بحراً الى الميناء الرئيسى ببورتسودان حسبما أورد بيان شركة إيديل إيلاس التى وقعت على الصفقة مع شركة المياه اليونانية والتي تدير محطة تكرير النفايات باثينا. وقامت إيديل إيلاس فعلياً بنقل 170 ألف من المخلفات البشرية الى جزيرة "بسيتاليا" اليونانية حيث تقع محطة معالجة مياه الصرف الصحي الخاصة بالعاصمة أثينا.بعد معالجتها جزئيا، توطئةً لنقلها الى السودان الذى هو واحد من عدة حلول مؤقتة مطروحة لحل مشكلة النفايات في المدينة وذلك كحل مؤقت للمشكلة التي تعاني منها المدينة جراء تراكم هذه المخلفات،على أن تقوم شركة امريكية في السودان بمعالجة الكمية.ويشير البيان إلى أن شركة(سي بي إم سي) الأميركية التى تملك محطة تابعة للولايات المتحدة فى السودان ( محطة سي بي إم سي) ستقوم من خلال عملية المعالجة بنزع المعادن الثقيلة من النفايات وإعادة بيعها واستكمال عملية التجفيف، بينما سيستخدم الطين المتبقي في عمليات التشجير.ويصف خبراء بيئة يونانيون تلك الخطوة بأنها 'غير أخلاقية'.ونقلت صحيفة كاثيميريني اليومية عن نيكوس خارالامبيديس رئيس جماعة السلام الأخضر في اليونان قوله 'إن استخدام مخلفات الصرف الصحي كسماد في السودان بينما يحظر ذلك في اليونان يشكل مثالا صارخا على العنصرية البيئية'.ولكن الحكومة اليونانية تدافع عن العملية بشدة اذ ان قضية النفايات تشكل لها هاجساً كبيراً فى صراعها مع جمعيات البيئة والمنتقدين لخطط الحكومة البيئية.وتقول الحكومة ان العملية ستكون سليمة بيئية،كما ان تكلفة نقلها الى السودان اقل من معالجتها محلياً.اذ ان التكلفة حوالي 41 يورو لكلّ طَنِّ .وتعتمد الحكومة اليونانية الى مصادر في وكالةِ البيئة الأوروبية تقول ان الفصل فى قضية نقل النفايات هو موافقة الحكومة السودانية وليست هناك اى تشريع يمنع ذلك.لما ذا السودان؟!!!ووجه وزير البيئة والاشغال اليونانى جورجس سولفليس انتقاداً الى الصحف اليونانية بسبب "تَشويه سمعة" فكرةِ نقل النفايات الى السودان،وقال ان ذلك كان خياراً من عدة خيارات لم يتطرق الصحفيون الى اى منها سوى هذا البلد الافريقى!!. وقال سولفليس ان هذه النفايات ليست سامة واضاف ان محطة معالجة اخرى ستفتتح العام 2007 فى جزيرة بسيتاليا. الا ان صحيفة كاثيميريني نشرت فى عددها الصادر امس الاول تقريراً من جماعة السلام الأخضر البيئية اكدت فيه ان النفايات المزمع تصديرها للسودان ستؤدى إلى عواقب خطيرةِ على صحةِ الناسِ، البيئة والإقتصاد هناك.ودعا التقرير الى وقف العمليات التى تستهدف البيئة والانسان.ويقول نيكوس خرلابيذيس رئيس جماعة السلام الأخضر البيئية، إنه ليست هناك معلومات رسمية حول نسبة المواد المشعة والعضوية التي تحتوي عليها نفايات السودان، لكن القياسات السابقة أكدت وجود كميات كبيرة فوق المسموح بها للبيئة والصحة العامة والتي تعتبر ضارة جدا للصحة العامة وللبيئة معا. وأًضاف أن وزارة البيئة اليونانية لم تعط حتى الساعة معلومات رسمية حول الصفقة وترتيباتها، لكن المشكلة أن هناك غموضا كبيرا في كثير من نواحيها مشيرا إلى أن استخدام هذه المواد في السماد الزراعي ممنوع في اليونان منذ حوالي عشر سنين.ما الخطر؟!!ومع ان هناك معاهدة تحكم مسألة التصرف بمخلفات الصرف الصحي "معاهدة بايزل" التي وقعت عليها اليونان، الا ان الصفقة ماضية فى التنفيذ على الاقل من جانب اليونان.والمعاهدة التي عقدت عام 1994 طالبت الدول الغنية صراحة بإنشاء محطات للتعامل مع مخلفات الصرف الصحي ومعالجتهاوتهدف إلى منع الدول الغنية من تصدير صرفها الصحي إلى الدول الأفقر.وحسب نيكوس خرلابيذيس فإن المعاهدة "تم الالتفاف عليها ليصير بإمكان الدول الغنية تصدير صرفها الصحي إلى دول أخرى في حال موافقة تلك الدول".وأضاف خرلابيذيس أن اليونان لم تلتزم منذ توقيع المعاهدة عام 1994 ببناء الإنشاءات اللازمة للتكرير الصحي، ونتيجة لذلك فقد وصلت حالة منشأة التكرير إلى عدم القدرة على الاستيعاب.تكشف الدراسات العلمية الحديثة أن التخلص من النفايات البشرية عن طريق معالجتها هوائياً، يمكن ان يسرب المعادن الثقيلة والمشعة الموجوة فى النفايات البشرية والتى تحتاج إلى معالجة دقيقة، للصعوبة والتعقيد فى التخلص من الملوثات الإشعاعية ،كما يمنع استخدام الطين المستخرج منها في الزراعة والسماد حسب ما أوردته مجلة "مايكروبيولوجيا البيئة" الأميركية في عدد لشهر يونيو 2004. التفجيرات الامريكية النوويةخلال جلسة استماع فى الثانى مارس الماضى للجنة الفرعية للقوات الاستراتيجية بمجلس النواب الأمريكي، قال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكي أن واشنطون قامت بتنفيذ تفجيرات نووية في السودان خلال عامي 1962 و1970، (خلال عهدى إبراهيم عبود وجعفر نميري) وعرض مسؤول خلال الجلسة ، صوراً توضح التفجيرات النووية التي أجرتها الولايات المتحدة في السودان في عامي 1962 و1970. وقال المسؤول إن هذه الصور غير الواضحة تبين موقعاً للتجارب النووية. وأضاف بأنهم خلال العام 1962 أخذوا رأساً حربياً زنته (100) كيلوطن وقاموا بدفنه على عمق (653) قدماً تحت سطح الأرض - وهو أكثر أماكن التجارب عمقاً. ثم فجروا الرأس النووي. وتوضح الصورة أن الإشعاع لم يظل حبيساً في باطن الأرض بل انتشر وتجاوز المنطقة. وتوضح الصورة الأخرى تفجيراً ثانياً في 18 ديسمبر 1970 واستخدموا خلاله قنبلة زنتها (10) كيلوطن وهي أصغر من قنبلة هيروشيما وهذه المرة دفنت على عمق (900) قدم. وبالرغم من ذلك لم يستقر الإشعاع في باطن الأرض بل صعد الى الفضاء وكون سحابة على ارتفاع (10.000) قدم، وقد أمكن رصدها شمالي كندا. وردت واشنطن بعد صمت دام ثلاثة ايام حول التفجيرات،اذ نفت وقوع أية تفجيرات من هذا النوع، مشيرة الى وجود خطأ مطبعي أدى للالتباس.وقالت واشنطن ان التفجيرات وقعت في موقع معروف للتجارب النووية في «سيدان» بنيفادا، لكن خطأ مطبعيا وقع، بكتابة اسم السودان بدلا من سيدان.ورغم ان القضية قد اغلقت كخطأ طباعي في سجلات الكونغرس ساندته دورية «سي، كيو» الرسمية التي قامت بنشر مضابط الجلسة ،الا ان تصريحات وزير الخارجية السودانى السابق حينها مصطفى عثمان اسماعيل اخذت الامر على محمل الجد.اذ قال انه بالرغم من هذه الافادات فان الحكومة بدأت تحريات بتجميع معلومات عن التاريخين 1962ـ 1970 وكذلك تجميع معلومات عن انتشار مرض السرطان في السودان حتى نستطيع ان نستفيد من هذه الفرصة للتأكد من كثير من الشائعات التي ترددت حول هذا الموضوع».ثم ان سكان المدن المتاخمة لغربى النيل تتحدث عن وجود مصادر إشعاعية في بعض المناطق.كذلك ازدياد حالات الاصابة بالسرطان وهي زيادة غير طبيعية. قضية المبيدات التالفةوفى اواخر التسعينات كشف تقرير عن وجود 666 طنا من المبيدات الكيميائية التالفة في السودان تتوزع على 43 موقعا ويرجع عمرها إلى ما بين 15-25 سنة وبعضها يوجد في العراء تحت أشعة الشمس مباشرة وتسرب جزء منها إلى تربة المخازن والتي تجاور بعضها مناطق سكنية وسجلت العديد من حالات التسمم للإنسان والحيوان حيث تسبب هذه المبيدات المهملة في التلوث البيئي وما يترتب عليه من آثار صحية وبيئية. وأوضح التقرير أن السودان بدأ استخدام المبيدات الكيميائية منذ العام 1949 حيث استخدم مبيدات في مشروع الجزيرة لمكافحة آفة الجاسيد في محصول القطن.وأدى التوسع الأفقي والرأسي المستمر في المساحة المزروعة خلال العقود اللاحقة إلى زيادة كبيرة في الكميات المستوردة تقدر كمية واردات السودان من المبيدات بحوالي 5000 طن بقيمة قد تصل إلى حوالي 60 مليون دولار سنويا تمثل هذه الكميات حوالي 5 و10 % من واردات إفريقيا والدول العربية على التوالي (هذه التقديرات ترجع لمنتصف التسعينات وتشير التقارير اللاحقة لكميات اقل) دخول هذه الكميات الكبيرة مصحوبا بضعف البنية الأساسية في مجال التخزين وعدم وجود الإدارة السليمة وضعف التخطيط والتنسيق بين مختلف الشرائح أدى إلى تلف كميات كبيرة من هذه المبيدات.النفايات واخطارهاوإذا كانت النفايات بصفة عامة تشمل "كل المواد التي تتخلف من نشاط الإنسان، والتي لم يعد محتاجا إليها، و إنما يحتاج بدلا من ذلك إلى التخلص منها، وهي تعتبر في هذه الحالة من ملوثات البيئة إلا إذا أمكن التخلص منها بطريقة لا تترك آثارا ضارة" فإن بعض الدول المتقدمة وجدت طرقا للتخلص من نفاياتها بأنواعها المتعددة بدون ترك آثار ضارة على بيئتها وإن كانت في المقابل تقوم بتلويث بيئات أخرى تتمثل في بيئات العالم الثالث، وهو ما يعرف بتصدير النفايات من العالم المتقدم إلى العالم النامي.ومن أهم أنواع النفايات التي تقوم الدول المتقدمة بتصديرها للعالم الثالث،النفايات الصناعية ،المواد التي تلقى في البحار والنفايات البشرية ومخلفات الانسان من المصادر المختلفة والنفايات النووية.فالنفايات الصناعية تتباين تباينا كبيرا في نوعيتها ودرجة خطورتها،وتنتج معظم النفايات الصناعية من مخلفات الصناعات الكيميائية، وبعضها الآخر يأتي من مصادر معدنية وبترولية ووسائل نقل ومولدات كهربائية ومصانع الجلود والدباغة، وتحتوي النفايات الصناعية على مواد سامة مثل الأحماض والكيماويات الغير قابلة للتحلل والمعادن الثقيلة.كانت الطريقة المألوفة في التخلص من النفايات الصناعية هي تصريفها في مياه البحار والمجاري المائية أو دفنها في مدافن تحفر خصيصا لهذه العملية، ويقدر أن عدد المدافن التي تم دفن النفايات الخطرة بها في الولايات المتحدة وحدها حوالي 50 ألف موقع.اما المواد التي تلقى في البحار والنفايات البشرية ومخلفات الانسان حيث يتم تلويث مياه البحار في وقتنا الحاضر بطرق عديدة بعضها تقوم به الدول الواقعة تلك المياه في إقليمها عبر تصريف مياه المجاري والصرف الصحي في تلك المياه، ولكن هناك دور آخر تلعبه السفن والناقلات النفطية والأساطيل البحرية في تلويث مياه البحار والمحيطات، ولعل أبسط مثال على ذلك هو دور الأساطيل البحرية التي تجول في المياه الإقليمية لدول العالم الثالث والتي تساهم بشكل كبير في تلويث تلك المياه بسبب ما تستخدمه من طاقة نووية لمحركاتها وما ترميه من فضلات وما تطلقه من أبخرة خلال مناوراتها.كما تقوم بعض الدول المتقدمة بإلقاء نفاياتها في مياه الدول النامية، كما حدث أثناء فترة الحرب الأهلية في لبنان عندما أدت الفوضى التي سادت البلاد إلى تعدد السلطات في الدولة حيث خضعت بعض المواني لسيطرة الميليشيات التي استغلتها لاستيراد النفايات مقابل مبالغ مالية للاستفادة منها في تسليح نفسها. اماالنفايات النووية فمع بداية الخمسينيات من القرن الماضي بدأ استخدام الطاقة النووية يتوسع سواء في الأغراض السلمية أو العسكرية، ومن أهم المشكلات التي صاحبت هذا التوسع مشكلة التخلص من النفايات النووية، ونظرا لأن النفايات النووية لها طبيعة خاصة تتمثل في عدم اختفاء آثارها السلبية على البيئة وصحة الإنسان حتى مع دفنها في مسافات عميقة تحت سطح الأرض.بناء على ذلك يبدو من الواضح أن سعي الدول المتقدمة لدفن نفاياتها النووية في أراضي دول العالم الثالث يعد جريمة بحد ذاته، ولعل أقرب مثال على ذلك هو فضيحة قيام الحكومة الأمريكية بدفن نفاياتها النووية المتمثلة في اليورانيوم المنضب في أراضي الخليج العربي خلال فترة حرب الخليج الثانية وما بعدها، الأمر الذي يجعل المنطقة بأكملها ملوثة بالنفايات النووية لمدة لا تقل عن نصف مليون سنة قادمة.وفي نفس الإطار قامت مجلة (ايكونوميست) بنشر تقريرا عام 1992 تقول فيه بأن الفائدة الاقتصادية ونقل النفايات الملوثة إلى العالم الثالث لها ثلاثة مبررات:* من الأفضل تلويث البلدان التي تدفع أجورا زهيدة لموظفيها وعمالها لأن تكاليف حماية البيئة والمحيط فيها تصبح أيضا متدنية.* من الأفضل تلويث المناطق التي لم يطالها التلوث لأن ذلك يكلف أقل من البداية.* من الأفضل تلويث المناطق ذات المستوى الحياتي المتدني، حيث للسكان مشاكل أخرى.وما تنادي به المجلة هو نفس ما يطرحه تقرير الصناعة والتنمية الذي نشرته الأمم المتحدة من أجل التنمية الصناعية سنة 1990 والذي يشير إلى أن مشكلة تصدير التلوث للعالم الثالث متمثلا في الصناعات والنفايات الخاصة بالدول المتقدمة هو مشكلة خطيرة خصوصا في ميدان المنتجات الخطرة، فالعديد من صناعيي البلدان المتطورة الذين اصطدموا في بلدانهم بتنظيمات البيئة رأوا أن من مصلحتهم نقل المصانع المنتجة للمواد الخطرة والنفايات التي لا تقل خطورة عنها إلى حيث المضايقات أقل قسوة والرقابة شبه غائبة وحياة الإنسان - في نظرهم- أقل قيمة في العالم الثالث.

Saturday, April 21, 2007

الجنوبيون في الخرطوم: قراءة متأنية لمرحلة توطين السلام


محمد كشان

مارتن قمت، شاب من قبيلة الباريا، جاء في العام 1985 قادما من مدينة جوبا الى الخرطوم عندما ضاقت به الاحوال هناك ، جاء بحثا عن استقرار اكاديمي افضل، حيث كان وقتئذ طالبا بالمراحل الاولية، ومنذ ذاك الحين وهو يسكن اطراف العاصمة، حيث معسكرات النازحين، مارتن يعمل الان كبائع متجول بأعرق شوارع العاصمة، ومابين المعسكر وشارع الجمهورية مسافة يملأها بالحنين والعودة الى مسقط رأسه. مارتن احد ابناء الجنوب الذين سعدوا بانباء مفاوضات السلام الاخيرة واكثرهم سعاده بتوقيع الاطراف المتنازعة على اتفاق سلام لايفضي الا الى سلام، يقول ان السلام هو الامنية التي كنا نتمناها وخصوصا نحن الجنوبيين الموجودين بالخرطوم، حيث نواجه صعوبات كثيرة وكلها نتيجة للحرب، واذا تم السلام فعلا قد نعود لمناطقنا وقد نبقي هنا بالخرطوم لان العاصمة اصبحت عاصمة لكل السودانيين ، ومسألة البقاء بها تعود للمواطن نفسه ولظروف اسرته، ولكن حتى الان مافي زول بيقول ان السلام اصبح واقعا، ونحن اذا لم نشاهد جون قرنق في الخرطوم لن يكون هناك سلام، وكلنا عاوزين السلام ومافي زول عاوز الحرب.. ويضيف مارتن.. انهم يبحثون عن تحول ديمقراطي لمزيد من الحريات ولعودة التعددية كالتي كانت في السابق، وعن احوال السوق يقول مارتن ان القوة الشرائية اصبحت ضعيفة مقارنة بالسنوات السابقة ، والناس احوالهم كانت متيسرة وكانوا بيشتروا بأى سعر ، لكن الان اصبح كل شئ عند الحد الادني من المعيشة اضافة الى حملات تنظيم السوق، ونعتقد انه لو جاء السلام فان ظاهرة الباعة المتجولين ستختفي ويستقر الناس وتتحسن الاحوال و (حيكون هناك بترول) ومشاريع وشركات وستختفي زحمة الخرطوم لان معظم الناس جاءوا نازحين. وفي السوق نفسه، سوق شارع الجمهورية شباب من قبائل مختلفة من جنوب الوطن جمعتهم احوال السوق حول بائعة شاى، هي الاخري من تلك البقعة من وطننا الحبيب، اختارت لنفسها ولزبائنها ركنا قصيا يقيها شر الحملات المتكررة التي تقول عنها (هدأت قليلا - وماعارفين الحاصل شنو) حول روجينا، تحلق عشرات الباعة والمثقفين والشيوخ واحيانا السلاطين يناقشون وبـ (رطانة) متقنة هموم الحرب والسلام.. ميانق كواج تخرج في كلية القانون بجامعة النيلين ، قال بما أن الخرطوم عاصمة قومية فهي بالتالى ملك لكل الشعب السوداني وكل زول له حرية الاختيار ومن زمان هذه الحريات متوفرة حتى قبل اتمام السلام من اراد ان يستقر بالعاصمة فله ذلك ومن اراد العودة الى موطنه فله ذلك، واضاف كواج قائلا أننا نتابع اخبار المفاوضات الجارية بنيفاشا الان عبر الصحف المحلية وقلوبنا معلقة بما يحدث هناك، ونعتقد ان الصحافة اسهمت في عملية السلام ، وبعد السلام سيكون هناك دور اكبر للصحف وستنشأ صحف باللغة الانجليزية وغيرها ،وهذا سيوسع من المشاركة بالرأي والرأي الاخر وحيكون هناك وضع جديد للسودان.. لان الناس حتعيش في ظل السلام وفي ظل السودان الجديد سواء من رمبيك او الخرطوم. أيزك بول طالب بكلية التربية جامعة بحرالغزال ، لكن من الرواد المعتمدين بشارع الجمهورية ، يقول بعد تحقيق السلام ستكون العاصمة عاصمة سودانية ، ومن حقنا ان نعيش فيها لنمارس حقوقنا كسودانيين ونحن الان نعيش في عاصمة لا تستطيع ان تعبر فيها كانسان سوداني وجنوبي على وجه الخصوص ، فالخرطوم ملك للجميع والبقاء فيها متاح ايضا للجميع ومطالبتنا بقومية العاصمة لحل هذه الاشكالات ، اما مرحلة ما بعد السلام ومابعد الاتفاقية فسيكون هناك دور متكامل للجميع ولكل القطاعات ويجب ان نبدأ بوضع الترتيبات لاعادة بناء ماهدمته الحرب خلال الاعوام الماضية ، واعتقد ان الاستعداد لمرحلة مابعد السلام موضوع هام وفاعل ، ونحن نسعي لتحقيق هذا الحلم كطلاب وكمواطنين وليس هناك من يدعو لفصل جزء من هذا الوطن او الاستغناء عنه، وهمنا ان يكون الوطن موحدا وعلى اسس جديدة تتمثل في حرية الثقافة وحرية التعبير وحرية الديانة لانه من الخطأ ان ينحصر تفكيرنا في ثقافات بعينها في ظل وجود ثقافات اخري ورؤى اخري ، فيجب ان تكون هناك موازنة حتى لا نسيئ فهم ثقافات الاخرين وحتى عند قدوم جون قرنق فيجب ان تكون هناك موازنات ليكون السودان مبنيا على اسس جديدة، واتساءل لماذا يتعامل بعض الشمالىين مع الحركة الشعبية باعتبارها حركة جنوبية فقط متناسين ان بها عددا من الشمالي

بول رنق، تخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم ويعمل الان بمركز ماري يوسف للتدريب المهني، التقيناه في هذا الشارع، شأنه شأن مثقفي السودان وحريص على وحدته لم يكن يدعو للانفصال يوما ما، يقول بول: أولا نشيد بمبدأ الاتفاق الذي تم بين السودانيين انفسهم دون ان يكون هناك تدخل من الوسطاء والمبادرين بوجود النائب الاول ود. جون قرنق دون املاء من الخارج مما يؤشر لامكانية ترتيب الامور من النواحي السياسية والعسكرية ، فمبدأ الاتفاق في الترتيبات العسكرية يشكل مدخلا لحسم القضايا الاخري ، مازالت هناك بعض القضايا العالقة تحتاج الى التحاور والتفاوض، لذلك فالترتيبات العسكرية ستفتح الباب لبحث قضايا الرئاسة والثروة ليس في الجنوب فقط بل سينعكس ذلك على قضايا المناطق الثلاث ومن ثم قضايا المناطق الاخري مثل دارفور لتحل كل القضايا بشكل جذري يضمن عدم تكرارها. وبالنسبة لموضوع العاصمة اعتقد ان هناك ترتيبات بشأنها تحكمها الفترة الانتقالىة والتعايش بين الناس خلال تلك الفترة، والتصور الذي تضعه الحركة الان لايخص الجنوب فقط بل يتعداه الى المناطق المهمشة الاخري، وهذا يتم بالحوار والتفاكر واقامة الندوات لتوضيح الملابسات واتاحة الحريات الدينية، والحريات السياسية التي تجمع الجماهير بشكل يرضي الجميع. { ميان دوت، مساعد تدريس بكلية التربية، شعبة التاريخ بجامعة بحر الغزال، التقيناه ايضا في هذا الشارع ، يقول دوت ان ماتم التوقيع علىه يعتبر بشرى لكل الشعب السوداني ولكنه يحتاج الى مجهودات اضافية لتحقيق الوحدة بين الجنوب والشمال. الدعوة للانفصال سابقا والتي كانت تدعو لها التيارات الانفصالية سببها المرارة التي كان يعيشها الناس، والسبب وراء نشوء هذه التيارات هو الانظمة الموجودة بالخرطوم ودعوتها وتبنيها لموضوعات خلافية ففي الموقف الذي لم توفر فيه الحكومة اي خدمة للمواطن النازح نجد ان المدارس القائمة بالمعسكرات هي مدارس كنسية بل كانت هناك مدارس ثانوية ولكنها اغلقت باعتبارها مدارس جهوية. والفترة القادمة تحتاج الى مجهود ضخم وجبار حيث لا فرق بين جنوب وشمال وربط هذه المناطق ببعضها، والقضية ليست قضية شمال وجنوب، ومن هنا انادي الطرفين الى الالتفات الى الحروب الدائرة في مختلف مناطق السودان الاخري وكل هذه القضايا يجب ان يتم الالتفات الىها في الفترة الانتقالىة وعلى الشباب خصوصا القيام برحلات وقوافل الى المناطق المتأثرة بالحرب وهذا هو الدور الذي يجب ان يتم اضافة الى دور الخدمة الوطنية في تنمية الريف ، وبالنسبة لنا فالخرطوم عاصمة تاريخية وكل مواطن هو حر في ان يعيش في المنطقة التي يريد فنحن والشمالىون منذ عهود سابقة ونحن نتعايش في هذه العاصمة ولاجديد واذا كان هناك من يكرس للعنصرية والفرقة فهي الانظمة السياسية اما المواطن الشمالى يتعايش مع المواطن الجنوبي في وفاق تام سواء في المدن الشمالىة او المدن الجنوبية، دون النظر الى أى فوارق او قيودات. { دينس اتيم، من ابناء اعالى النيل، من قبيلة الشلك، من اشهر التجار في هذا السوق، يتاجر في الادوات والاجهزة الكهربائية ويتعداها احيانا الى تجارة الشنطة والملابس. يقول ان السلام هو رؤية واضحة ويعود بفوائد كثيرة على الشعب السوداني وما كان يستنزف في الحرب يمكن ان يفيد في مرحلة السلام وبعد احلال السلام يمكننا ان نسهم في تحقيق مرحلة مابعد الاتفاقية. ونحن نزحنا الى الشمال وبدأنا نعمل بالخرطوم ولافرق بين الشمال والجنوب وفي حالة السلام يمكن ان نعمل في التجارة بين الشمال والجنوب وبعد ذلك يمكن ان تتوسع تجارتنا ونقوم بفتح محال لنا في مدن الجنوب المختلفة وارسال البضائع من الخرطوم الى رمبيك او جوبا يقول دينس انه قد يختار البقاء بالخرطوم بعد توقيع اتفاقية السلام وقد يعود الى اعالى النيل ، لكنه فضل البقاء هنا لانه ارتبط بالسوق ولا يتوقع ان يعود الى منطقته قريبا. دينس جاء الى الخرطوم قبل خمسة عشر عاما من ، حين كانت الحرب في اوج لهيبها جاءها في مقتبل العمر، وهو الان في الاربعين من العمر تزوج قبل خمسة اعوام بفتاة من قبيلته وله ثلاثة من البنين والبنات يتلمسون طريقهم في مراحل التعلىم الاولية ربما باعدت هذه الاحوال بينه وبين مدينته باعالى النيل ولكن تبقي الخرطوم هي الاخري مدينته.

أطفـــال السودان ... الحاجة العاجلـة للحمايـة





"التعليم لا ينتظر حتى ينتهي القتال"


أطفـــال السودان ... الحاجة العاجلـة للحمايـة






أطلقت منظمة "ووتشليست" ومقرها نيويورك، تقريراً جديداً عن وضع الأطفال في ظل النزاعات المسلحة في السودان يلخص الاعتداءات "المستمرةَ" التي يتعرض لها الأطفال في مناطق النزاعات والحروب خاصةً غرب وجنوب وشرق السودان. وأُطلق التقرير الذي حمل عنوان: "أطفال السودان على مفترق طرق: الحاجة العاجلة للحماية"، بالتزامن في كل من العاصمة الكينية نيروبي، ومقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم الأربعاء الماضي.
وركز معدو التقرير من منظمة "مراقبة الأطفال والصراعات المسلحة" (ووتشليست) ، المكونة من ست منظمات إنسانية، على أوضاع الأطفال في دارفور التي تشهد صراعا منذ أربعة أعوام، وعلى الجنوب الذي خرج لتوِّه من حرب أهلية استمرت 20 عاما، وحسب التقرير فان حماية ورعاية الأطفال في مناطق عدة على "منعطف خطير" ، وأشار معدو التقرير إلى الحوادث والانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في جنوب ، وشرق السودان وأطراف العاصمة الخرطوم، إضافة إلى تهريبهم لخارج البلاد للعمل كشحاذين، أو لاستخدامهم في سباق الهجن في بعض الدول العربية، إضافة إلى حرمانهم من التعليم
ولاحظ التقرير أنه بينما يحظي الأطفال في الجنوب بوضع أمني متحسن ويحصلون على الخدمات، فإن الأطفال في إقليم دارفور بغرب البلاد يواجهون مستويات مرعبة من العنف والاستغلال
وأشار تقرير "ووتشليست" إلى أن عمليات استخدام الأطفال جنوداً من جانب المجموعات المسلحة مستمرة على نطاق واسع
وعلى الرغم من عدم ملاحظة وجود أطفال في صفوف القوات الحكومية، جاء في التقرير إن مندوبي المنظمات التي شاركت في إعداد التقرير، قالت إن الشبان في جماعات مسلحة أخرى أدمجوا في القوات المسلحة، وفي دارفور تجند معظم الميليشيات والجماعات المتمردة أطفالا بما في ذلك ميليشيا الجنجويد ، وحركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان.
وتنص اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية في يناير2005 على تسريح الأطفال المجندين، والمرتبطين بالقوات المسلحة، وبالفعل بدأت منظمات المجتمع المدني عملية واسعة لتسريح الأطفال الجنود، ودمجهم في الحياة المدنية، وإلحاقهم بالمدارس والمعاهد التعليمية.
وينص كذلك اتفاق السلام لدارفور الموقع بين الحكومة وحركة تحرير السودان في مايو 2006 على "أن تقوم الأطراف الموقعة بإطلاق سراح جميع الصبية والبنات المرتبطين بالقوات والمجموعات المسلحة، وفصلهم عن القوات والمجموعات المسلحة وإعادتهم إلى أسرهم وإعادة دمجهم، وضمان حمايتهم من كافة أشكال العنف."
واستنادا على تقرير "ووتشليست" فان عددا من الأطفال لايزال يتأثر بالصراع والنزاع الدائر في مناطق عدة في السودان.
وقالت سارة سبنسر المديرة المؤقتة لمنظمة ووتشليست في نيروبي "إن هناك عشرات الآلاف من الأطفال في النزاع المسلح في دارفور، وإن معظم هؤلاء الأطفال أجبروا أو أكرهوا على الانخراط في صفوف المجموعات المسلحة، وإننا نناشد الحكومة السودانية والأمم المتحدة على وقف هذه الممارسة".
وحث ناشطو حقوق الإنسان في التقرير المجتمع الدولي على تحديد وسائل لمساعدة ودعم الأطفال المتأثرين بعقود من النزاعات المسلحة في السودان.
وقالت كاثلين هنت رئيسة منظمة " ووتشليست "، ان الأطفال في السودان ما زالوا يتحملون معاملة غير إنسانية هي من أسوأ المعاملات في العالم."، وأضافت هنت في مؤتمر صحفي عقد الأربعاء بمقر الأمم المتحدة في نيويورك: "على الرغم من انتهاء الحرب في الجنوب وزيادة الأمل في الفترة الأخيرة في تعزيز قوات حفظ السلام في دارفور لا يشعر عدد كبير من الأطفال السودانيين بأي تحسن عما كانوا عليه قبل أربعة أعوام".
وقالت رئيسة المنظمة كاثلين هونت "إن الالتزامات الحقيقية والدائمة من جانب حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان لحماية ومساعدة الأطفال تعتبر هامة"، وأضافت "أنه لا يجب أن يبقي مجلس الأمن الدولي والفاعلون الآخرون مكتوفي الأيدي حول قضية السودان بل يجب عليهم وضع مسألة حماية الأطفال في مقدمة جميع الجهود لإحلال السلام والاستقرار في السودان".
وكان المجلس القومي لرعاية الطفولة قد اعد في مارس الماضي تقريرا للجنة الدولية لحقوق الطفل أشار فيه إلى انه لم تسجل بلاغات عن سؤ استغلال الأطفال بكافه أنواعه، وأكد على عدم وجود معلومات للأطفال خلال الفترة (2004) (2005)، ولكن في عام 2006 أورد التقرير الجنائي لوزارة الداخلية عدد بلاغات القضايا المسجلة 215 بلاغ اعتداء جنسي علي الأطفال.
ومنذ بداية العام الحالي بلغ عدد حالات ضحايا الاعتداءات من الأطفال التي وردت لوحدة حماية الأسرة والطفل بشرطة ولاية الخرطوم 105 حالة.
وصدر تقرير " ووتشليست " في الوقت الذي تستمر فيه الأزمة الإنسانية وانعدام الأمن في دارفور حيث يفتقر آلاف الأطفال لمعظم المصادر الأساسية ويواجهون تهديد الاختطاف وأشكال العنف الجنسي الأخرى والهجمات المسلحة والنزوح القسري.
وأوضحت هونت "أن مجلس الأمن الدولي قام بالقليل لتحسين حماية الأطفال في دارفور بالرغم من أن الوضع في الإقليم حظي باهتمام عام كبير".
وقالت سبنسر إن الحصول على معلومات حول الانتهاكات ضد الأطفال في السودان أصبح صعبا بصورة متزايدة مشيرة إلى أن الكثير من المنظمات المعنية التي تتقاسم المعلومات تعرض موظفوها وعملياتها للهجمات.
أما عن وضع التعليم، فقد وصفه التقرير "بالمأساة" في أماكن عدة من البلاد ويشهد الجنوب أسوأ المعدلات في العالم حيث تتدنى نسبة المسجلين في المدارس إلى 25 في المائة فقط.
وتقول جيني بيرلمان روبنسن من مفوضية المرأة للاجئات والأطفال إن جيلا كاملا في جنوب السودان فقد فرصة التعليم، وتحدثت عن نماذج من الأطفال يضطرون إلى السير ساعتين للوصول إلى مدارسهم، وعن مدرسين غير أكفاء يعملون برواتب ضعيفة أو دون راتب على الإطلاق، وقالت "التعليم لا يستطيع أن ينتظر حتى ينتهي القتال."
وقال فرانسيس دينق وهو وزير خارجية سابق للسودان ومبعوث سابق للأمم المتحدة لرعاية اللاجئين، ان أرواح الأطفال والمدنيين لن تنقذ الا من خلال الحل السياسي. وأضاف "الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإقرار السلام."
وفى جانب آخر قال التقرير إن صبية لا تتعدى أعمارهم أربع وخمس سنوات "يهربون إلى دول الخليج العربية للعمل كشحاذين أو في قيادة الجمال وسباقات الهجن."
ورغم أن قرارا صدر بمنع استخدام الأطفال في تلك السباقات، إلا أن ذلك لايزال يتم على نطاق واسع في عدد من الدول العربية، وان اقتصر استخدامهم على رعاية الإبل والإشراف عليها.
وأشار تقرير المجلس القومي لرعاية الطفولة المقدم للجنة حقوق الإنسان، إلى أن عدد الأطفال الذين تم إرجاعهم من دول الخليج، حيث كانوا يستخدمون في تلك السباقات ، بلغ 387 طفلا في الفترة من 2004-2006.
والأسبوع الماضي شهد مطار الخرطوم عودة اخوين كانا مستخدمين في سباقات الهجن منذ 10 سنوات في احد الدول العربية.
من جانب آخر أشار التقرير إلى أن أكثر من 16.000 طفل من جنوب السودان وشمال يوغندا تعرضوا للاختطاف في السنوات الماضية على يد مجموعة "جيش الرب للمقاومة"، وأجبروا على الانخراط في الحركة المسلحة والإعمال الأخرى.
وحسب منظمة العفو الدولية ، فقد وصل عدد مَن اختطفوا من الأطفال على أيدي "جيش الرب للمقاومة" منذ بدء النـزاع في 1986 نحو 25.000 طفل، وذلك بغرض استخدامهم كجنود أو كأرقاء جنسيين أو كحمَّالين. وبين هؤلاء 7.500 فتاة حملت منهن في الأسر نحو 1.500 فتاة، أما عدد من قتل من الأطفال المختطفين فغير معروف.
وصدر تقرير "ووتشليست" في وقت تزايدت فيه الضغوط على الحكومة بهدف القبول بقوات تابعة للأمم المتحدة بهدف حماية المدنيين واللاجئين.
وسبق لمنظمة "مراقبة الأطفال والصراعات المسلحة " أن أصدرت دراسة عن وضع الأطفال في جنوب السودان في مارس 2003، كما لها تقارير ودراسات أخرى عن أوضاع أطفال لبنان وفلسطين ودول افريقية وآسيوية.
و"ووتشليست" هي شبكة عالمية للمنظمات غير الحكومية، ومقرها في نيويورك، وتعمل على مراقبة أوضاع الأطفال في النزاعات المسلّحة، وضمان حقوقهم، ضمن إطارِ الاتفاقية الدولية لحقوقِ الطفلِ.
وتنضم تحت لواء "ووتشليست" ست منظمات أخرى عاملة في مجال الطفولة والأمومة وهى: مجموعة الرعاية الدولية، التحالف لمنع تجنيد الأطفال، مجموعة الإنقاذ الدولية، تحالف الأطفالَ، مجلس اللاجئ النرويجيِ، مفوضية النساء
والأطفال اللاجئين ومجموعة الرؤيا الدولية
موقع ووتشليست watchlist

Thursday, May 13, 2004

حوار مع المخرجة الكبيرة انعام محمد على

:المخرجة إنعام محمد علي
الإخراج ليس عضلات .. (أم كلثوم) ليست أشهر أعمالي
انعام محمد علي اسم بارز في فضاءات الدراما العربية وعنوان عريض لمخرجة تعشق الابداع وتهتم بتفاصيل العمل الفني وهي تقول عن تجربتها في هذا الخصوص ان مسلسل ام كلثوم استغرق عامين كاملين لانها وقفت على كل مراحل وتفاصيل العمل... وكذا الحال بالنسبة لمسلسل (قاسم امين ) .. انعام التي سجلت حضورا في الخرطوم قبل ايام للمشاركة في اجتماع الامانة للمؤتمر القومي العربي التقتها الصحافة كعادتها واجرت معها حوارا بالمطار قبل مغادرتها الخرطوم.
حوار: محمد كشان
عرفت إنعام محمد علي من خلال تقديمها لاعمال تركز الفكرة كمضون اساسي للعمل، تتضح من خلاله الرؤية الاخراجية.. كيف توفقين بين ما هو فني وجمالي وما هو فكري وموضوعي؟
رغم إني اهتم بالمجال الفني واعمل فيه، الا ان فكرة وموضوعية العمل الفني تعد بالنسبة لي احد القوالب التي يمكن ان أصب فيها افكاري. ومن ثم توجه حسب وجهة نظر المخرج، فالعمل الفني بلا رسالة وبلا رؤية، يبقى فارغاً وبلا مضمون، لذا فكثير من اعمالي يمكن ان تقدم عملاً فنياً في صميم السياسة. ويؤثر اكثر مما تؤثر المقالات السياسية، فالصورة المرئية وخصوصاً الدراما لها تأثير كبير جداً على المشاهد. ويمكن أن تلاحظ ذلك في فيلم «الطريق الى ايلات» فهو يقدم عملية بحرية عسكرية تسللت من خلالها مجموعة من قوات سلاح البحرية المصرية من العقبة الى ميناء ايلات. ويقومون بتدمير سفينتين حربيتين. وحتى مسلسل «أم كلثوم» ظهر فيه التوجه القومي من خلال شخصية أم كلثوم التي لا يمكن ان نقول انها كانت فنية بحتة، اذ أنها لم تهتم في حياتها بالجانب الفني فقط، وتناولت من خلال أغنياتها مضامين الوطنية في مراحل تاريخية متعددة. وغنت لعدد من الشعراء العرب. وعمل صوتها على توحيد العرب في فترة لم يتفق العرب في شيء بقدر ما اتفقوا على صوتها.
هل هذا ما جعل مسلسل «أم كلثوم» اشهر اعمالك التلفزيونية؟
هو ليس اشهر اعمالي. ولكن انتاجه في زمن الفضائيات جعله محل متابعة وتركيز. والجمهور ليس كما هو في السابق، فأكثر من «200» مليون اصبح بمقدورهم ان يشاهدوا عملاً فنياً في فترة واحدة، خاصة اذا كان العمل مرتبطاً بشخصية قومية. وهذا ما جعل هذا المسلسل اشهر اعمالي، لكنه ليس اشهر من «الطريق الى إيلات» لاعتباره عملا غير مسبوق في السينما المصرية. وكما ذكرت فقصته عسكرية وتقوم باخراجه امرأة لم تدخل الجيش ولم تجند. وهو ليس اشهر من مسلسل «ضمير ابلة حكمت» لاسامة انور عكاشة. والذي وقفت فيه فاتن حمامة لاول مرة امام كاميرا التلفزيون، ثم قاسم امين في فيلم «حكايات الغريب» عن حرب اكتوبر.
ما هي ادواتك كمخرجة لتعميق المفاهيم الجمالية والاجتماعية واحداث التغيير المطلوب بالنسبة للمشاهد؟
في المقام الأول اهتم بالقضية المطروحة. ومن ثم استخدام ادواتي التقنية لابراز الرؤية المنهجية المرتبطة باهتمام المشاهد. ومن ثم التعبير عن وجهة النظر الفنية التي نحن بصددها. وفي نفس الوقت بالعمل على تطوير المشاهد وتغيير افكاره ومعتقداته الى الافضل والاحسن، فالمخرج من دون أدواته التقنية ووجهة النظر الصائبة، تقل قيمة العمل الفني المقدم وتصبح ضعيفة، فإذا أثر هذا الاسلوب في المشاهد، تكون الرسالة الفنية قد وصلت.
هل هناك اية مرجعية اكاديمية لهذه الرؤية الاخراجية؟
اعتمدت بشكل مباشر على رسالتي للماجستير في الاعلام. وهي بعنوان «الدراما التلفزيونية ودورها في التطوير الاجتماعي» ومنذ ان كنت ادرس في كلية الآداب، كنت مهمومة بكيفية التفكير في القضايا والموضوعات التي كانت تقف في سبيل تقدم المجتمع والفئات الاكثر حاجة للتغيير. وخاصة خلال عملي في التلفزيون في منتصف الستينات في الاخراج التلفزيوني. وفي الادارة العامة للتمثيليات.
مَنْ مِنْ الوجوه اشتهرت بتعاملك معها وتقديمها للجمهور؟
قدمت كثيراً من الممثلين خلال مسيرتي الفنية التي تمتد لاكثر من ربع قرن. وعلى سبيل المثال فاروق الفيشاوي ومحمود الجندي ورياض الخولي وآثار الحكيم وممدوح عبد العليم في اول ظهورهم امام الكاميرا، ثم تقديمي لممثلين آخرين بشكل جديد ودور مختلف، منهم صفاء ابو السعود في «يوم مستحيل» وميرفت أمين في اول عمل تلفزيوني لها «دعوة للحب» ثم هدى سلطان في اول عمل تلفزيوني. وعدد آخر من الممثلين والممثلات.
بأي اعمالك تعتزين؟
اعتز بأول مسلسل عقد الصلة بيني وبين الجمهور وتعرف الناس فيه على اعمالي. وكان ذلك في وقت يسمى فيه الجمهور العمل الفني باسم الممثل او الكاتب. وعادة ما ينسى الوسيط بين هذين وهو المخرج. ولكن بدأ الجمهور ينتبه الى ان هناك شخصا له بصماته واسلوبه. وكان ذلك في «هي والمستحيل» و«الحب وأشياء اخرى» لاسامة انور عكاشة. فيمَ يتركز اهتمامك الحالي؟ السينما ام التلفزيون؟
اهتم حالياً بالتلفزيون اكثر مما سبق. وذلك لارتباطات كثيرة خاصة بالعمل التلفزيوني. وعملت أخيراً على تقديم المسلسل التلفزيوني «قاسم امين» «41» حلقة. والذي قدم عصر التنوير منذ نهايات القرن التاسع عشر الى بدايات القرن العشرين، بكل رموزه الفكرية والادبية والاجتماعية. وفيلم تلفزيوني آخر لميرفت امين. وهناك فيلم كوميدي البطولة فيه لحنان ترك «نونة الشعنونة».
وماذا عن تجربة المرأة مع الاخراج؟
منذ بداياتي في الستينات، كانت مهنة الاخراج بالنسبة للمرأة جديدة. وكان للتلفزيون الفضل في فتح الباب للمرأة ومساواتها بالرجل، لان مهنة الاخراج في السينما كانت تمارس من قبل الرجل، فكنت اول امرأة تقدم عملاً تلفزيونياً. وحتى اثبت وجودي في هذا المجال واجعل الطريق ممهداً امام الأخريات، كان لابد ان اجتهد اضعاف ما يبذله زميلي الرجل، فالإخراج جزء منه قيادة وابداعا وجهداً. والمرأة يمكنها ان تصبح قيادية ومبدعة، اما الجهد فهو جهد ذهني وعقلي وليس جهد عضلات، ثم انه في اغلب افلامي كنت اشترك في وضع ومتابعة السيناريو لها. وهذا ما جعلني اتابع اعمالي بدقة وانضباط.