Tuesday, September 23, 2008

مسجد فاروق .. عمارة المملوكيين والفاطميين في السودان

http://alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/ContentID/16465/Default.aspx

محمد كشان

يُعد مسجد فاروق ، الذي تغيّر اسمه الى مسجد أرباب العقائد، من أروع نماذج العمارة الاسلامية في السودان، ويرجع تاريخه الى أربعينات القرن الماضي، حين أعاد الملك فاروق ، آخر ملوك مصر، بناءه في مكان مسجد وخلوة الشيخ أرباب العقائد، أشهر رجال الدين والفقه في فترة ما قبل المهدية، ومر مسجد أرباب العقائد بمراحل متعددة منذ أن كان خلوة صغيرة، الى أن صار تحفة معمارية رائعة يندر وجودها بين مساجد السودان.
وكان المسجد مبنيا في فترته الأولي من القش والطين والبوص، وعند دخول الامام المهدي الخرطوم ، صلى أول جمعة له بالخرطوم بمسجد أرباب العقائد، وبعد ان انتقل المهدي الى أم درمان، أُعيد بناء المسجد مرة اخرى، وتمت توسعته بعد ذلك على يد خورشيد بك باشا ، ولكن يرجع تاريخ عمارة المسجد في شكله الحالي الى عهد الملك فاروق ، ملك مصر والسودان آنذاك ، وأمر فاروق ببناء مسجد في الخرطوم بالقرب من الكنيسة التي لا زالت موجودة الى يومنا هذا ، وبدأت أعمال البناء فيه سنة 1946، بواسطة عمال ومهندسين مصريين، الى أن أُفتتح رسميا في سنة 1953 بحضور وزير الأوقاف المصرية الشيخ أحمد حسن الباقوري.
يقول د.خالد محمد يسن وهو من أبناء الخوجلاب، وجلهم من تلاميذ ومريدي الشيخ أرباب العقائد، أنه في حوالي عام 1691 عبر أرباب العقائد النهر من جزيرة توتي الى الغابة الواقعة بين النيلين الأزرق والأبيض (منطقة المقرن الحالية) حيث بنى مسجدا ومنزلاً، وتوافد عليه الطلاب والمريدون حتى بلغ طلاب خلوته الألف طالب ومعظمهم من أبناء التكارير والبرقو.
ويشير د. خالد أن المسجد تعرض للهدم على يد الدفتردار عند مجيئه على رأس حملته الانتقامية، وقُتل حفيد أرباب العقائد ، الشيخ عثمان بك الفكي ، خليفة المسجد آنذاك، وتفرق المريدون الذين كانوا يأتون للمسجد والخلوة، وفيما بعد أمر اسماعيل باشا بترميمه.
تأهيل المسجد
تعتزم هيئة الأوقاف الاسلامية بولاية الخرطوم صيانة مسجد أرباب العقائد وتوسعته وفق أحدث النظم الانشائية بتكلفة تبلغ أكثر من مليار جنيه. وقال المهندس عبدالرحمن محمد شريف، المُشرف على صيانة المسجد أن أعمال الصيانة والتأهيل تشمل توسعته بتقليص المساحات الخضراء، واضافة مظلات متحركة ، وتغطية الساحات الأرضية الخارجية بالرخام.
ويشير المهندس عبدالرحمن الى أن المسجد يسع 800 – 850 مُصلي، وهذا ما دعا الي التفكير في أعمال التوسعة والصيانة، وتم تكوين لجنة لذلك برئاسة الدار الاستشارية وعضوية هيئة الأوقاف الاسلامية، وهيئة الآثار، بغرض المراجعة المعمارية والصيانة لحمايته من التشقق والتآكل، ويشير عبدالرحمن الى تأثر بعض الزخارف الداخلية بعمليات الغسل بالماء، وتدرس اللجنة اعادتها الى ماكانت عليه بنفس طرازها للحفاظ على قيمتها الاثرية.
كما تشمل أعمال الصيانة إزالة بعض الحمامات داخل صحن المسجد، وانشاء مكتب للجنة المسجد محلها ، وترقية الوضايات، وتركيب نجفات جديدة للاضاءة يجري جلبها هي والمظلات من تركيا.
وعن النمط المعماري لمسجد أرباب العقائد يقول المهندس عبدالرحمن انه مزيج مابين حضارة الدولة الفاطمية والطراز الأندلسي في بناء المساجد، اما الزخارف المنحوتة على أعمدته فتمت بطريقة يدوية، وحوائطه بُنيت من الحجر الصناعي الذي يدخل في تركيبته (السيخ) والحصي والرمل والأسمنت، وحوائطه الرخامية زُخرفت بطريقة النحت بالماء.
تماذج الحضارات
يشير استاذ وخبير المعمار د.هاشم الخليفة الى أن روعة وجمال عمارة مسجد أرباب العقائد تتمثل في صغر حجمه وبساطته، وبنائه من الداخل بالحجر الرملي، وحجر الجرانيت على الأعمدة، ويتميز الحجر الرملي المُستخدم في البناء بالبساطة، وخلوه من التموجات التي تشتهر بها الأحجار الرملية، ما أعطى خلفية صافية للخطوط والنقوش المحفورة على الحوائط.
ويضيف الخليفة أن مسجد فاروق اشتهر بأجمل أنواع المشربية في السودان، وهي من العناصر التي ترجع الى عمارة المملوكيين والعثمانيين ، كذلك أبواب المسجد مطعمة بقطع من النحاس ، وأروع مافي المسجد تلك الفوانيس المتدلية على مداخله وهي من عناصر عمارة الفاطميين الاسلامية في القاهرة.
ويرى الخليفة أن المعالجة المعمارية لمسجد فاروق ارتبطت بعلاقة فلسفية قوية مع تهيئة الانسان للعبادة والتقرب الى الله، فالمعمار في مسجد أرباب العقائد يتميز بالهدوء والتناسق، دون أن تشغلك الزخرفة أو الخطوط المنقوشة على حوائطه عن العبادة، وخاصة في محراب المسجد الذي صُمم بطريقة جمالية وفلسفية تهيئ الفرد للتعبد والتأمل.
ويشير د.هاشم أن عمارة المسجد أظهرت من جانب آخر قيمة المنافسة والمساجلة بين الأنجليز والمصريين، فبينما بنى الانجليز كنيسة القصر بالحجر الرملي، بنى المصريون جامع فاروق بنفس الحجر، وكان المُستفيد من هذا التنافس السودانيون.
ونادي د.هاشم الى التعامل برفق مع مسجد فاروق كأثر معماري رائع، وذلك بعدم تشييد مباني أمامه بحجة التوسعة، والاستعاضة عن ذلك بتوسعة مؤقتة ، كعمل شماسي في الخارج تطوى بعد انتهاء الصلاة ، واشاد الخليفة بالمستوى المتقدم في اضاءة المساجد بالخرطوم.
وكانت المساجد في السابق تضاء بالعناقيد والمصابيح الملونة، ما يقلل من قيمتها الروحية، وأصبحت تضاء الآن بما يسمى بالإضاءة الفيضية (Flood Light) وهي كشافات توضع تحت المبنى وتجعل المسجد كأنه يسبح في نور من الضياء، ونفذ هذا النوع من الاضاءة بنجاح في مسجد الشهيد وقاعة الصداقة.
وأكد د.هاشم على أهمية صيانة المساجد الأثرية بطريقة علمية لا تغير من عمارتها الاصلية، وأن لا تُزال كما أُزيل مسجد أم درمان العتيق، والمحافظة عليها خاصة مسجد فاروق باعتباره ثراث معماري عريق وهدية رائعة من المصريين للسودانيين.

1 comment:

Unknown said...

تصميمات راتعة من مظلات خشبية
و مظلات الثابتة و المتحركة فقط من السبييعي لما بها من مهندسين متخصصين في مجال التصميمات المميزة

للاتصال بنا :
0500296699 - 0112277479

للتواصل عبر موقعنا :

http://www.mazallat.com/%D9%85%D8%B8%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%AE%D8%B4%D8%A8%D9%8A%D8%A9.html