حرية الصحافة، سلامة الصحفيين، الإفلات من العقاب .. قضايا تتصدر الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة
تقرير: محمد كشان
يحتفل العالم في الثالث من مايو، الذي يصادف اليوم الخميس، باليوم العالمي لحرية الصحافة كتقليد سنوي يهدف إلى التذكير بدور الصحافة في تعزيز الديمقراطية وتشجيع التنمية في أرجاء العالم،كما يعد هذا اليوم، الذي جرت العادة على الاحتفال به منذ إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 تسميته بيوم الصحافة العالمي، مناسبة لتعريف الجماهير بانتهاكات حق التعبير عن الرأي وكذلك لتذكيرهم بمعاناة الصحفيين من جراء الانتهاكات التي يتعرضون لها وهم يمارسون واجبهم. وتشكل حرية الصحافة، وسلامة الصحفيين، والإفلات من العقاب نتيجة ارتكاب الجرائم ضد الصحفيين، مواضيع اليوم العالمي لحرية الصحافة 2007 فى شتى بقاع العالم.ويحتفل الصحفيون السودانيون بذكرى الثالث من مايو، اذ تقام العديد من الفعاليات احتفالاً بيوم حرية الصحافة.وتنظم اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع الاتحاد العام للصحفيين ومكتب اليونسكو بالخرطوم غدا احتفالا بالمناسبة تحت شعار "حرية الصحافة وسلامة الصحفيين والإفلات من العقوبات" وذلك برعاية وزير الإعلام والاتصالات الزهاوى إبراهيم مالك.ويحتوى برنامج الاحتفال على عدة رسائل يقدمها كل من اتحاد الصحفيين لجنة الاتصال والمعلومات ، مدير مكتب اليونسكو بالخرطوم ، وزير الإعلام والاتصالات ، وزير التعليم العام إلى جانب بعثة الأمم المتحدة بالسودان ومركز المعلومات التابع للامم المتحدة.وينظم منبر الشباب والطلاب بالاشتراك مع بعثة الأمم المتحدة فى السودان وبرنامج الأمم المتحدة الانمائى ومركز الأمم المتحدة للإعلام في اليوم نفسه حلقة نقاش تحت عنوان " حاضر وآفاق الصحفيين الشباب في السودان "، وتناقش الحلقة عدة محاور منها التحديات التي تواجه الصحفيين والصحفيين الشباب بصورة خاصة،والعلاقة بين الصحفيين الشباب والمؤسسات الإعلامية ومستقبل الصحفيين الشباب والمؤسسة الإعلامية.وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أصدرت لجنة الحريات وأخلاق المهنة بالمجلس القومي للصحافة بياناً، حيت فيه تضحيات كل صحافيي العالم الذين يعملون تحت ظروف بالغة التعقيد، وخصت اللجنة بالتحية الصحفيين السودانيين الذين ظلوا " ينحتون الصخر من اجل ان تسمو الكلمة وتسود قيم الحق والفضيلة".ودافع البيان عن موقف مجلس الصحافة في تعزيز الحرية الصحفية والمحافظة على أخلاقيات المهنة.وأشارت اللجنة إلى سعيها لعمل التوازن اللازم بين تمكين الصحفيين من ممارسة الحرية الصحفية المسؤولة، وبين حماية المجتمع من تجاوزات التطبيق الخاطئ لتلك الحرية، خاصة فيما يتعلق بتطبيقات المادة 130 من قانون الإجراءات الجنائية، وأوامر حظر النشر التي تصدرها النيابات.واعتبرت لجنة الحريات وأخلاقيات المهنة ان حق الصحفيين في الحصول على المعلومات، هو المدخل الأهم لممارسة الحرية الصحفية المسؤولة، مطالبةً الجهات المسؤولة بضرورة إتاحة المعلومات للصحفيين مالم يكن قد سبق تصنيفها بموجب قانون على أنها معلومات محظور نشرها.
وكانت قضية اغتيال رئيس تحرير صحيفة " الوفاق " الصحفى محمد طه محمد أحمد قد أثارت لغطاً كبيراً حول الحرية المتاحة للصحفيين ، خاصة بعد إصدار قرار بمنع النشر بما يخص القضية. وشهدت الساحة الصحفية السودانية سلسلة من الأحداث المتصلة فى إطار تداعيات حادثة الاغتيال ، وإستحوزت القضية على قدر كبير من المساحات الصحفية وربما باتت هى القضية الأشهر على الصعيد الإعلامي، بل وتصدرت تقارير حرية الصحافة العالمية.فنيابة الصحافة والمطبوعات طالبت كافة وسائل الإعلام بعدم التعليق إعلامياً على مجريات سير التحريات في القضية ، بدعوى عدم التأثير على سير العدالة والحرص على سلامة الإجراءات القانونية، مما اعتبره مركز حماية الصحفيين - مقره نيويورك - تقيداً لحرية الصحافة والحد منها.واعتبرت لجنة حماية الصحفيين ان الإجراءات التي اتبعت فى تلك القضية (تعسفية) حيث تمت مصادرة عدد من صحيفة "السوداني"، ومنعها من الصدور لمدة ثلاثة أيام، وتم اعتقال عدد من الصحفيين والتحقيق معهم في قضية مقتل محمد طه، منهم الطاهر ساتى (الصحافة) ابوعبيدة عبدالله (الرأي العام). واصدر القاضي لاحقاً قراراً بمنع الصحف من نشر وقائع المحاكمة إلا عبر وكالة الأنباء الرسمية.وتطرق تقرير صادر عن المنظمة العربية المنظمة العربية لحرية الصحافة لأوضاع حرية الصحافة السودانية العام الفائت.وادانت المنظمة قرار مجلس الصحافة والمطبوعات بتعليق صدور صحيفة الحياة والناس ، الذي تم حسب الفقرة هـ من المادة 32 من قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية للعام 2004 ، والتي تلزم الصحف بالإيداع اليومي لإصداراتها لدى المجلس، ما اعتبرته المنظمة تعارضاً مع قواعد وأصول حرية الصحافة ، اعتداءا مباشرا على حرية الرأي و التعبير .وتطرق التقرير إلى توصية بعث بها مجلس الصحافة في أكتوبر للهيئة القضائية يطلب فيها سحب ترخيص خمسة من الصحف الرياضة هي الصدى ،الكورة ،الكابتن، مونديال ، المريخ، ملحقة بأسماء تسعة من الصحفيين الرياضيين على خلفية انتهاك ميثاق الشرف الصحفي ومخالفة القانون على حد وصف المجلس . وأشار التقرير الى حكم اصدرته محكمة الصحافة بالخرطوم فى 14 مارس الجاري علي رئيس تحرير صحيفة الوطن بالغرامة مليون دينار للمحكمة وفي حالة عدم الدفع السجن لمدة 6 أشهر وتعويض الشاكي والي ولاية الخرطم مبلغ 10 ملايين دينار تعويضاً له عما لحق به من أذى وإشانة سمعة، وأدانت المحكمة جريدة الوطن تحت المواد 159، و66 من قانون العقوبات الجنائية المتعلقة بالكذب الضار وإشانة السمعة والمادة 29 من قانون الصحافة والمطبوعات .واشار التقرير الى إطلاق سراح بول سالوبيك مراسل صحيفة " شيكاغوتريبيون " الأمريكية المعتقل من قبل السلطات السودانية لفترة شهر تقريبا على خلفية توجيه السلطات السودانية إتهام له بالتجسس نظراً لدخوله البلاد بطريقة غير مشروعة .
ويعد الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة من المناسبات التي تقف عندها المنظمات والجمعيات العاملة في المجال لرصد ومراقبة وتقييم أوضاع حرية الصحافة والصحفيين خلال الفترة المنصرمة.ونشرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريراً أعدته إثر توجه وفد منها إلى السودان من 17 إلى 22 مارس 2007، وهو بعنوان: "دارفور : تحقيق حول الناشطين المنسيين في الأزمة". وقد حرصت المنظمة في هذا التقرير على تقديم عناصر جديدة للنقاش المطروح عالمياً حول المأساة التي يعيشها السكان في غرب السودان، بعدما أجرت تحقيقاً حول الصحافة السودانية الناشطة والمتنوّعة على صورة المجتمع السوداني. وتعرض آخر تقرير دولى نشرته مجموعة مراسلون بلا حدود في الأول من فبراير الماضي، إلى واقع حرية الصحافة في 98 دولة متوقفةً عند أبرز الانتهاكات لحقوق الصحافيين في العام 2006 ومقدّمةً آفاقاً موضوعية وإقليمية حول وضع حرية وسائل الإعلام والإنترنت عبر العالم.وحسب تقرير "مراسلون" ، يعتبر الازدراء بالصحافيين الصلة المشتركة بين مختلف الدول الأفريقية التي تبيّن أنها كانت الأكثر سلطوية تجاه القطاع الإعلامي في العام 2006. فلا يزال الإفلات من العقاب سائداً في القارة كما لا يزال قاتلو الصحافيين في غامبيا، وبوركينا فاسو، وجمهورية كونغو الديمقراطية يستفيدون من حماية الحكومات المتواطئة أو المسؤولين السياسيين النافذين.
وتحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) اليوم بذكرى الثالث من مايو، بمدينة ميدلين بكولومبيا، حيث قتل الصحفي الكولومبى رئيس تحرير الصحيفة اليومية "El Espectador"، غييرمو كانو، الذي يعد مثالاً بارزاً بالنسبة للجرائم التي ترتكب ضد الصحفيين وتمر دون عقاب.وقد اغتيل غييرمو كانو في 17 يناير 1986 ، امام مقر صحيفته حيث كان قاتلان مستأجران بانتظاره عند مدخل الصحيفة في بوغوتا، وكان كانو ضحيةً لعصابات مافيا تجار المخدرات.وتمنح اليونسكو الجائزة العالمية العاشرة لحرية الصحافة (جائزة غييرمو كانو) لعام 2007 للصحفية الروسية آنا بوليتكوفسكايا التى اغتيلت أمام بوابة منزلها في موسكو في السابع من أكتوبر 2006.وطبقا لـ شونغكيتارفون، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، فان الصحفية آنا بوليتكوفسكايا أثبتت عن شجاعة وصلابة مذهلتين من خلال مواصلة تغطيتها لأحداث الشيشيان فيما كان العالم بأكمله قد حوَّل أنظاره عن هذا النزاع، كما أن تفانيها وبحثها الجَسور عن الحقيقة يجعلان منها مرجعاً في مهنة الصحافة، سواء في روسيا أو في سائر مناطق العالم.وتبلغ قيمة الجائزة التي منحت العام الماضي للصحفية اللبنانية مى شدياق 25.000 دولار.وليوميين متتالين تخصص اليونسكو نقاشاتها حول الاعتداءات التى يتعرض لها الصحفيون، حيث يشكل العنف الموجه ضد الإعلاميين ومؤسساتهم أحد أكبر التهديدات التي تواجه حرية التعبير والصحافة. فخلال السنوات الإثني عشر الماضية، قتل أكثر من 1.100 صحفي وعامل في مجال الإعلام أثناء قيامهم بعملهم. وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، بلغت نسبة الصحفيين الذين توفوا نتيجةً لقتلهم 71%، ولم يكن 85% من الذين توفوا مراسلين دوليين يعملون في مناطق حروب، بل صحفيين عاديين، يقومون بعملهم اليومي وفي معظم حالات القتل، لم يتم تقديم أي شخص للعدالة، الأمر الذي حدا باليونسكو لتخصيص احتفال هذا العام للقضية، خاصةً ان غالبية الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين وغيرهم من الإعلاميين، ماتزال تمر دون عقاب، وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وطبقاً للجنة حماية الصحفيين، لم يتم إجراء تحقيق أو ملاحقة قضائية في 85% من حالات قتل الصحفيين. "وحتى عندما كان يتم إجراء تحقيق كامل وتوجيه الاتهامات، لم يتم تقديم العقول المدبرة للجرائم سوى في 7% من القضايا." وحسب لجنة الصحفيين، ففي الدول التي توجد في صراعات كبيرة، لا يتم في الغالب تحقيق العدالة في وجه القتلة، وفي بعض الأوقات، لا تكون السلطات ببساطة مهتمةً بالتحقيق في القضايا، وفي أحيان أخرى تتعمد السعي لإخفاء الحقيقة من خلال عدم السماح بالتحقيق في القضايا. وفى كلمة له بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2007 ، قال المدير العام لمنظمة اليونسكو كويشيرو ماتسورا :
يُعد اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصة لتذكير العالم بأهمية حماية حرية الصحافة التي تنص عليها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفها حقاً من حقوق الإنسان الأساسية، ونظراً لأن العنف الممارس ضد مهنيي وسائل الإعلام أصبح اليوم من أكبر الأخطار التي تُهدد حرية التعبير، فقد قررت أن أكرس اليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2007 لموضوع سلامة الصحفيين. لقد شهدنا على مدى العقد الماضي تصاعداً هائلاً لوتيرة العنف ضد الصحفيين ومهنيي وسائل الإعلام والعاملين المرتبطين بهم، ففي جميع أرجاء العالم، يتعرض مهنيو وسائل الإعلام للمضايقات والاعتداءات، ويتم اعتقالهم بل وقتلهم. ووفقاً لبعض المنظمات المهنية، كانت سنة 2006 أكثر السنوات عنفاً، حيث قُتل أكثر من 150 مهنياً من مهنيي وسائل الإعلام، كما تم اعتقال المئات منهم أو تهديدهم أو الاعتداء عليهم بسبب طبيعة العمل الذي يمارسونه. فلم تكن مهنة الصحفي في أي وقت مضى محفوفة بالمخاطر على النحو الذي هي عليه الآن. إننا نعرف أن المناطق التي تشهد نزاعاً - أو التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع - تُشكل بيئات خطيرة للغاية بالنسبة للصحفيين. وأوضح مثال على ذلك هو العراق الذي قُتل فيه تسعة وستون مهنياً من مهنيي وسائل الإعلام في العام الماضي، وبلغ عدد من قُتل منهم في هذا البلد منذ بدء النزاع في نيسان 2003 أكثر من 170 مهنياً في مجال وسائل الإعلام، جلهم من الصحفيين المحليين. ولم يعرف التاريخ المدون قط مثل هذا العدد الكبير من الصحفيين المقتولين. إن الأشخاص الذين يجازفون بحياتهم لتوفير معلومات مستقلة وموثوق بها يستحقون إعجابنا واحترامنا ودعمنا. فهم يفهمون أحسن من أي شخص آخر أن وسائل الإعلام تُساهم بشكل ملموس في عمليات المساءلة وإعادة البناء والمصالحة. وفي الواقع فإن تزايد العنف ضد الصحفيين شهادة، وإن كانت مفجعة، على أهمية وسائل الإعلام بالنسبة للديمقراطيات الحديثة. إن سلامة الصحفيين قضية تهمنا جميعاً. فكل اعتداء على صحفي هو اعتداء على حرياتنا الأساسية. ولا يمكن التمتع بحرية الصحافة وحرية التعبير بدون توافر قدر أساسي من الأمن. ولذلك علينا في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن نتعهد بتعزيز جهودنا لضمان سلامة الصحفيين. وأناشد بوجه خاص جميع الحكومات والسلطات العامة أن تضع حداً لثقافة الإفلات من العقاب السائدة في بيئة العنف ضد الصحفيين. وعلى الحكومات أن تضطلع بمسؤولياتها لضمان إجراء التحريات وملاحقة المذنبين في الجرائم التي ترتكب ضد مهنيي وسائل الإعلام. واليوم هو أيضاً مناسبة للإقرار بالتقدم المحرز في مجال حماية حرية الصحافة وفي هذا الصدد ترحب اليونسكو بالقرار الذي صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة والذي يدين الاعتداءات على الصحفيين في أوضاع النزاع. ويمثل هذا القرار انتصاراً للحملة التي تخاض ضد الإفلات من العقاب، وللجهات الملتزمة بحماية استقلال مهنيي وسائل الإعلام وحقوقهم. علينا إذن أن نستغل هذا الزخم لبناء ثقافة السلامة في إطار وسائل الإعلام. دعونا نتأمل، ونحن نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة، في السبل الكفيلة بنشر القيم التي تحترم الدور الحيوي الذي تؤديه وسائل الإعلام في تعزيز السلام والديمقراطية والتنمية بشكل مستدام. فلنحيّ ذكرى مهنيي وسائل الإعلام الذين لقوا حتفهم، ولنعبر عن تقديرنا لأولئك الذين يزوّدوننا بالمعلومات رغم الأخطار والمجازفات التي يعيشونها. ويجب فوق هذا وذاك ألا ننسى بأن التمتع بحرياتنا شديد الارتباط بضمان سلامة الصحفيين، ذلك أن قدرتنا على العمل كمواطنين واعين في هذا العالم مرهونة بقدرة وسائل الإعلام على العمل بحرية وأمان.
من جانبه بعث الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، برسالة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2007.وقال كى مون
: لقد اعتدنا كل عام في مناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة أن نؤكد من جديد التزامنا بالحق في حرية الرأي والتعبير، المكرسة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.وفي عصرنا هذا، أصبح في مقدور عدد متزايد من الناس الحصول على الوسائل التي تمكنهم من الوصول إلى جمهور أوسع نطاقا ومن التواصل مع هذا الجمهور. ولكن كثيرا ما يصادف هؤلاء محاولات تستهدف تقييد تدفق المعلومات والأفكار أو منعه أو عرقلته. وفي مواجهة هذه الأخطار، تقع على عاتق الأمم المتحدة مهمة أن تكون مدافعا لا يلين عن حرية الصحافة، وعن النساء والرجال الذين يجعلون هذه الحرية حية نابضة بما يبذلونه من تفان وما يتحلون به من مواهب.وأشد ما يُزعج في هذا الصدد هو أن الصحفيين الذين يسعون إلى تسليط الضوء على المحن التي يعانيها الآخرون، يصبحون هم أنفسهم أهدافا للإيذاء. فعلى مدى العام المنصرم، فَقَد أكثر من 150 من العاملين في وسائط الإعلام أرواحهم وهم يؤدون واجبهم. وهناك آخرون من أفراد الصحافة أصيبوا بجروح أو احتجزوا أو تعرضوا للتحرش أو أُخذوا رهائن. وهذا لا يحدث في خضم الصراعات المسلحة وحدها، بل يحدث لهم أيضا وهم يتحرّون الأخبار بشأن الفساد والفقر وإساءة استعمال السلطة.وفي الآونة الأخيرة، تابعت باستياء حادث اختطاف الصحفي ألان جونستون التابع لهيئة الإذاعة البريطانية. والتغطية التي يقوم بها السيد جونستون للقضايا المتصلة بالشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي تحظى بما هي جديرة به من الاحترام البالغ في العالم أجمع. ولا توجد قضية يمكن أن تستفيد من استمرار احتجازه، بل إن هذا يُضعف أي قضية كانت. وإني لأنادي مرة أخرى بالإطلاق الفوري والآمن لسراح ألان جونستون.والاعتداءات التي تستهدف حرية الصحافة هي اعتداءات على القانون الدولي وعلى الإنسانية وعلى الحرية ذاتها، أي على كل شيء تدافع عنه الأمم المتحدة. والصحافة الحرة الآمنة المستقلة هي من صميم الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية ويعتمد عليها السلام. والحكومات والمنظمات الدولية ووسائط الإعلام والمجتمع المدني لكل منها جميعا دور يتعين أن يؤديه في توطيد هذه الأسس. فهلمّوا نؤكد من جديد في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة التزامنا بإنجاز هذه المهمة.
وفي الأول من فبراير، نشرت مجموعة مراسلون بلا حدود تقريرها السنوي للعام 2007 الذي تعرض فيه واقع حرية الصحافة في 98 دولة متوقفةً عند أبرز الانتهاكات لحقوق الصحافيين في العام 2006 ومقدّمةً آفاقاً موضوعية وإقليمية حول وضع حرية وسائل الإعلام والإنترنت عبر العالم.وقالت المنظمة: "بدأنا منذ الآن نشعر بالقلق حيال تطور الوضع في العام 2007 إثر اغتيال ستة صحافيين وأربعة معاونين إعلاميين في شهر يناير وحده".ففي الشرق الأوسط، دفع الصحافيون مجدداً ثمن الاختلال الأمني المزمن السائد في المنطقة. فقد لاقى 65 عاملاً محترفاً في القطاع الإعلامي حتفهم في العراق فيما ازدادت عمليات الاختطاف في هذا البلد كما في الأراضي الفلسطينية.في أمريكا اللاتينية، يعتبر اغتيال حوالى عشرة صحافيين في المكسيك في حالة من الإفلات شبه التام من العقاب، والاستمرار في اعتقال أكثر من عشرين صحافياً في كوبا.وفي آسيا، بلغت انتهاكات حرية الصحافة مستويات خطرة: فقد لاقى 16 عاملاً محترفاً في القطاع الإعلامي حتفه، وخضع 328 على الأقل للاستجواب، وتعرّض 517 للتهديد أو الاعتداء، وفرضت الرقابة على 478 وسيلة إعلام على الأقل في العام 2006 الذي لا تزال الرقابة فيه ظاهرة واسعة الانتشار.وحسب تقرير "مراسلون" ، يعتبر الازدراء بالصحافيين الصلة المشتركة بين مختلف الدول الأفريقية التي تبيّن أنها كانت الأكثر سلطوية تجاه القطاع الإعلامي في العام 2006. فلا يزال الإفلات من العقاب سائداً في القارة كما لا يزال قاتلو الصحافيين في غامبيا، وبوركينا فاسو، وجمهورية كونغو الديمقراطية يستفيدون من حماية الحكومات المتواطئة أو المسؤولين السياسيين النافذين.أما ديكتاتوريات الويب فيبدو أنها انتقلت حسب التقرير إلى السرعة القصوى مع سجن 60 شخصاً على الأقل لنشرهم مقالات انتقدوا فيها السلطات على الإنترنت حتى أن الصين الرائدة في هذا المجال باتت تتعرّض للمنافسة: فييتنام، سوريا، تونس، ليبيا،
إيران... تضيق سجون العالم بالمدوّنين والمخالفين الإلكترونيين
http://typo38.unesco.org/index.php?id=741&L=4 اليوم العالمي لحرية الصحافة 2007
http://www.rsf.org/rubrique.php3?id_rubrique=629 مراسلون بلاحدود
http://www.cpj.org/ لجنة حماية الصحفيين
No comments:
Post a Comment